الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن أبيك من اقترافه للمحرمات يجب نصحه ووعظه ليكف عنه، لكن بحكمة وموعظة حسنة، لأن من أحسن البر وأوفاه إنقاذه من النار وما يوقعه في سخط العزيز الجبار، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: فصل في أمر الوالدين بالمعروف ونهيهما عن المنكر، قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة ولا يغلظ له في الكلام وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. اهـ
فاحرص على ذلك قبل حرصك على حظك من الدنيا، لكن لو تمادى الأب على ما هو عليه وغلب على ظنك أنه يريد قصد الإضرار بك من خلال الورقة التي وقعتها دون أن تدري ماذا فيها، فلا حرج عليك في مطالبته بالكشف عنها، وليكن ذلك بأدب ورفق أو توسط من الأقارب أو غيرهم ممن يقبل قولهم ليكلموه في ذلك، فإن لم يفد ذلك فلا مانع من رفع الأمر للقضاء، ولا يكون ذلك عقوقا، قال الصنعاني: .. وكذلك لو كان مثلاً على أبوين دين للولد أو حق شرعي فرافعه إلى الحاكم فلا يكون ذلك عقوقاً. اهـ
أما الكشف عن ممتلكاته فليس من حقك مطالبته به، وننبهك على أن إساءة الأب في حقك أو في حق نفسه لا تسقط بره ولا تبيح مجاراته في إساءته، قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً واخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء: 23ـ24}.
ولعل الله تعالى أن يلين قلبه إذا رأى منك مقابلة الإساءة بالإحسان، والشفقة عليه والبر به.
والله أعلم.