الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن للمصلي أن يقرأ من المصحف في صلاة النافلة، وكذا المكتوبة، وهذا هو مذهب الشافعية، والقول المعتمد في مذهب أحمد، وذهب المالكية إلى الكراهة.
ودليل المجيزين ما رواه البيهقي عن -عائشة رضي الله عنها- أنها كان يؤمها غلامها ذكوان من المصحف في رمضان. قال الزهري: كان خيارنا يقرؤون من المصاحف.
وذهب الحنفية إلى أن القراءة من المصحف تفسد الصلاة، إلا إذا كان المصلي حافظًا، وقرأ من المصحف من غير حمل.
ولهذا نقول: الأولى ترك ذلك في الصلاة المكتوبة؛ خروجًا من الخلاف، ومراعاة لسنن الصلاة، من النظر إلى موضع السجود، وترك الانشغال بالنظر، وتقليب الأوراق، وقد علل الحنفية البطلان بأمرين:
الأول: أن هذا عمل كثير.
الثاني: أن التلقي من المصحف شبيه بالتلقي من المعلّم.
وإذا كان مجرد القراءة من المصحف محل خلاف بين أهل العلم؛ مما حدا ببعضهم إلى القول ببطلان الصلاة به، فلا شك أن انضمام الاستماع إليه، أشد تأثيرًا في صحة الصلاة، عند من قال بالبطلان.
ينضاف إلى هذا أن القرآن إنما يقرأ ليتدبر، ولا شك أن تدبره متعذر ممن هو مشتغل بقراءته، والاستماع إليه في آن واحد.
فالحاصل أن تجنب ذلك في الصلاة مطلوب طلبًا مؤكدًا، وهو في صلاة الفرض أشد تأكيدًا؛ إذ لا يطلب فيها تطويل أصلًا، فتكفي فيها أم الكتاب، وما تيسر معها.
والله أعلم.