الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذبح لصاحب القبر تقرباً وتعظيماً له شرك؛ لقوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]. وقال الله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام:162}.
وفي صحيح مسلم مرفوعاً: لعن الله من ذبح لغير الله.
ولا يجوز الأكل من ذبيحة المشرك، ولا مما ذكر عليه غير اسم الله تعالى؛ لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الأنعام:121].
وقال تعالى: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ {النحل:115}.
قال الرافعي -رحمه الله- كما في المجموع للإمام النووي -رحمه الله-: واعلم أن الذبح للمعبود وباسمه نازل منزلة السجود، وكل واحد منهما من أنواع التعظيم والعبادة المخصوصة بالله تعالى الذي هو المستحق للعبادة، فمن ذبح لغيره من حيوان أو جماد كالصنم على وجه التعظيم والعبادة لم تحل ذبيحته، وكان فعله كفراً كمن يسجد لغير الله سجدة عبادة، فكذا لو ذبح له أو لغيره على هذا الوجه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فالذبح للمعبود غاية الذل والخضوع له، ولهذا لم يجز الذبح لغير الله، ولا أن يسمى غير الله على الذبائح. اهـ.
وبناء عليه؛ فقد أخطأ الإمام في زعمه المذكور لأن العلاج لا يجوز إذا كان محرماً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح الجامع: تداووا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم. رواه أحمد والحاكم. وفي رواية: لا تداووا بحرام.
وأما الصلاة خلفه، فبحسب ما تلبس به من البدعة، فإن كان يعتقد الذبح للأولياء على النحو المتقدم، فهذه بدعة كفرية، فلا يصلى خلفه.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: وأما الصلاة خلف المبتدعة: فإن كانت بدعتهم شركية، كدعائهم غير الله، ونذرهم لغير الله، واعتقادهم في مشايخهم ما لا يكون إلا لله من كمال العلم، أو العلم بالمغيبات أو التأثير في الكونيات: فلا تصح الصلاة خلفهم، وإن كانت بدعتهم غير شركية؛ كالذكر بما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن مع الاجتماع والترنحات: فالصلاة وراءهم صحيحة، إلا أنه ينبغي للمسلم أن يتحرى لصلاته إماماً غير مبتدع؛ ليكون ذلك أعظم لأجره وأبعد عن المنكر. اهـ.
وأما إن كان الذابح يذبحها لله تعالى ويسمي الله عليها ولم يقصد أنه يذبحها تعظيماً للولي وتقربا إليه، وانما يقصد إطعام الفقراء والمحتاجين أو غيرهم، فان الذبح عند القبر بدعة، لكن لا مانع من أن يأكل المرء منها، لأنها لم تذبح لغير الله، وليست من أنواع المحرمات، فتبقى على أصل الإباحة. ويجوز الصلاة خلف من تلبس بمثل هذه البدعة.
والله أعلم.