الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حضور صلاة الجماعة في المسجد واجب على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، ولا يجوز له التخلف عنها إلا لعذر شرعي معتبر على ما رجحه جمع من أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر رجلا فيؤذن، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء. رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه والبيهقي في السنن والترمذي .
وقد أخرج مسلم والبيهقي والنسائي أن رجلاً أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ فقال: نعم، قال: فأجب. وهذا القول رجحه ابن المنذر في الأوسط وابن القيم في كتاب الصلاة واختاره العلامتان ابن باز وابن عثيمين ـ رحمهما الله ـ
قال ابن المنذر رحمه الله في الأوسط: وفي اهتمامه بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم أبين البيان على وجوب فرض الجماعة؛ إذ غير جائز أن يحرق الرسول الله صلى الله عليه وسلم من تخلف عن ندب وعما ليس بفرض. اهـ
وقال ابن القيم: ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة. فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر، وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار. اهـ
و قال الشيخ العثيمين رحمه الله: فإن الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أن صلاة الجماعة واجبة في المساجد وأنه لا يجوز للرجل أن يتخلف عن صلاة الجماعة في المساجد إلا إذا كان لعذر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار. هؤلاء القوم قد يكونون يصلون لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلوا مع الجماعة الذين نصبهم الشرع، والجماعة الذين نصبهم الشرع هم الجماعة الذين يصلون في المساجد، المساجد التي يدعى إلى الحضور إليها عند الصلاة، ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فقال: حيث ينادى بهن، و ـ حيث ـ ظرف مكان أي: فليحافظ عليها في المكان الذي ينادى لها فيه، هذا في الصلوات الخمس. انتهى.
وإذا كانت الصلاة في المسجد واجبة فإن اشتغالك عنها بالتسوق والشراء حرام، وعليك التوبة الى الله تعالى وعدم العود لمثله .
والله أعلم.