الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخلق الإحسان والإيثار من الأخلاق الفاضلة، التي نوه بها الإسلام وحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم وطبقها هو وأصحابه الكرام فقد وصفهم الله عز وجل بقوله: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {الحشر:9}.
ومساعدتك للمحتاج وتنفيسك للكربة عنه من أعمال البر التي يتقرب بها إلى الخالق ويرجى ثوابها في الدنيا والآخرة، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر عن معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه....
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد ـ يعني مسجد المدينة ـ شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ـ ولو شاء أن يمضيه أمضاه ـ ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة ـ حتى يثبتها له ـ أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب: قضاء الحوائج، والطبراني وغيرهما، وحسنه الألباني.
قال المناوي في فيض القدير: أفضل الأعمال: أي من أفضلها أي بعد الفرائض كما ذكره في الحديث المار، والمراد الأعمال التي يفعلها المؤمن مع إخوانه أن تدخل أي إدخالك على أخيك المؤمن أي أخيك في الإيمان وإن لم يكن من النسب، سروراً أي سبباً لانشراح صدره من جهة الدين والدنيا، أو تقضي تؤدي عنه ديناً لزمه أداؤه، لما فيه من تفريج الكرب وإزالة الذل، أو تطعمه ولو خبزاً فما فوقه من نحو اللحم أفضل، وإنما خص الخبز، لعموم تيسر وجوده حتى لا يبقى للمرء عذر في ترك الإفضال على الإخوان، والأفضل إطعامه ما يشتهيه. انتهى.
فهنيئا لك ما جبلت عليه من العطف والرحمة وحب الإحسان واحتسبي ثواب ذلك عند الكريم المنان، وأما ما سألت عنه فلا حرج عليك فيه ولست ظالمة بكتمان ما استكتمت عليه من خبر السيارة، لأن السر أمانة وإفشاؤه خيانة، ومن حقك مطالبته بدينك الذي عليه، وما أخذت منه من مال لا يلزمك رده، لأنه وفاء عن بعض ما في ذمته لك.
واتهام المرأة لك بالتسبب في إفساد علاقتها بزوجها لا اعتبار له وينبغي أن تبادلي إساءتها بالإحسان والتغاضي، لكن إذا كان زوجها أجنبيا عنك فعليك معاملته كسائر الأجانب من عدم الخلوة أو الخضوع بالقول وغير ذلك مما يلزم المرأة تجاه الأجانب عنها، ومن حقك مطالبته بباقي دينك الذي في ذمته.
والله أعلم.