الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينبغي في مثل هذه المسائل أن نفرق بين عموم الوظائف وبين الوظائف الهامة ذات الولاية على المسلمين، فالأولى لها حكم عموم الاستئجار، فمن حيث الأصل لا حرج في استئجار غير المسلم وتوظيفه، ولكن إن دار الأمر بين المسلم والكافر فالأولى توظيف المسلم لاعتبارات ذكرناها في الفتويين رقم: 3681، ورقم: 39458.
وأما الثانية، وهي الوظائف التي يكون فيها نوع ولاية على المسلمين، فلها نظر آخر، قال العلامة ابن القيم في أحكام أهل الذمة: لما كانت التولية شقيقة الولاية كانت توليتهم ـ يعني أهل الذمة ـ نوعا من توليهم، وقد حكم تعالى بأن من تولاهم فإنه منهم، ولا يتم الإيمان إلا بالبراءة منهم، والولاية تنافي البراءة، فلا تجتمع البراءة والولاية أبدا، والولاية إعزاز فلا تجتمع هي وإذلال الكفر أبدا، والولاية صلة فلا تجامع معاداة الكافر أبدا. اهـ.
وقد عقد قبل ذلك فصلا مهما في المنع من استعمال اليهود والنصارى في شيء من ولايات المسلمين وأمورهم، ذكر تحته بعض الأدلة المرفوعة والموقوفة، ومن أشهرها قصة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مع أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنهما ـ لما اتخذ كاتبا نصرانيا، وصدر هذا الفصل بما حكاه عن أبي طالب: قال: سألت أبا عبد الله ـ يعني الإمام أحمد: يستعمل اليهودي والنصراني في أعمال المسلمين مثل الخراج؟ قال: لا يستعان بهم في شيء. اهـ.
وقال الشيخ ابن جبرين: لا يجوز رفع مقام الكفار، ولا يجعل أحدهم رئيسا على العمال المسلمين ما دام موجودا بين المسلمين من يصلح للرئاسة. اهـ.
والله أعلم.