الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت صنعا وبينت الحق وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {المائدة:105}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والاهتداء إنما يتم بأداء الواجب، فإذا قام المسلم بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قام بغيره من الواجبات لم يضره ضلال الضُلاّل. انتهى.
لكن لو غلب على ظنك بسبب تحايل المسؤولين ضياع حقوق الموظفين فيما يقتطع من رواتبهم فعليك إعلامهم بذلك؛ لما ذكره بعض الفقهاء من وجوب إعلام صاحب الحق إن تعين إعلامه لتخليص حقه ممن اعتدى عليه.
وأما عملك في الشركة إن كان فيما هو مباح فلا حرج عليك في البقاء فيه، وراتبك الذي تتقاضاه مقابل عملك الحلال حلال لا حرج عليك في الانتفاع به، ولعل بقاءك في ذلك العمل مع نصيحة المسؤولين بتقوى الله واجتناب أكل الحرام خير من تركك له إن لم يترتب على بقائك فيه مباشرة للحرام أو إعانة عليه، لأن الجو إذا خلا لهم من ناصح ومراقب أمين قد يفعلون ما هو أسوأ فاستحضر في نيتك ذلك وأنك تريد من البقاء في عملك كشف المظالم ونصح المسؤولين ودعوتهم إلى الحق وإلى ترك الظلم، لكن ينبغي أن تسلك في ذلك السبل المؤثرة، من الدعوة بحكمة وموعظة حسنة، والصبر وعدم القنوط واليأس، واختيار الأوقات المناسبة للنصيحة، كما يمكن الاستعانة بالوسائل الدعوية كالشريط المرئي والمسموع، والكتيبات المختصرة المفيدة، مع التوجه إلى الله تعالى بالتضرع والدعاء، ليكون العمل خالصا لوجهه لا رياء فيه ولا سمعة والدعاء لأولئك المسؤولين بالهداية والتوفيق.
والله أعلم.