الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت الترغيب في المبادرة إلى حضور الجمعة، لما في ذلك من الأجر الجزيل والثواب العظيم الشيء الذي ينبغي أن يحمل المسلم على الحرص على المبادرة إليها، فمن الأحاديث الصحيحة الدالة على هذا الترغيب قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ.
وقد اختلف فيما إذا كان التبكير إلى الجمعة هو الأفضل، أم التهجير إليها، فذهب بعض أهل العلم إلى كراهة التبكير لصلاة الجمعة، لعدم ثبوته عن السلف الصالح ولأجل السلامة من الرياء، جاء في شرح الخرشي متحدثا عن مندوبات الجمعة: ومنها: التهجير، وهو الرواح في الهاجرة، وهي شدة الحر، ويكره التبكير، لأنه لم يفعله عليه الصلاة والسلام ولا الخلفاء بعده وخيفة الرياء والسمعة. انتهى.
وذهب آخرون إلى أفضلية التبكير وأن المفاضلة بين الساعات الواردة في الحديث السابق تبدأ من طلوع الفجر، وقد ذكرنا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 115577.
وبالتالي، فلا مانع من الحضور لصلاة الجمعة وقت دخول صلاة الفجر حتى نهاية صلاة الجمعة، ويحصل الشخص على ثواب التبكير لصلاة الجمعة بناء على هذا القول.
وبخصوص الجزء الثاني من السؤال فالذي فهمنا مما ذكرته أنك تحب أن تؤثر بعض كبار السن بمكانك في الصف الأول، وهذه المسألة تدخل في باب الإيثار بالقُرب والطاعات وقد كرهها بعض أهل العلم، جاء في شرح النووي لصحيح مسلم: وقد نص أصحابنا وغيرهم من العلماء على أنه لا يؤثر في القرب، وإنما الإيثار المحمود ما كان في حظوظ النفس دون الطاعات، قالوا فيكره أن يؤثر غيره بموضعه من الصف الأول وكذلك نظائره. انتهى.
وبعض أهل العلم يقول بجواز الإيثار بالقُرب وهو ما رجحه ابن القيم في زاد المعاد جالبا الأدلة على ذلك، كما سبق في الفتوى رقم: 59691.
والله أعلم.