الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكلام عن نية الحصول على تلك المنفعة المادية وما إذا كانت تقدح في النية الأساسية ينبني على حكم تلك المنفعة، ومن هنا نقول: إن كان ما تأخذه على الأذان رزقا من بيت المال أو من الأوقاف المعدة لمثل هذا الغرض فلا حرج في هذا، قال في المغني: ولا نعلم خلافا في جواز أخذ الرزق عليه ـ يعني الأذان ـ لأن بالمسلمين حاجة إليه، وقد لا يوجد متطوع به، وإذا لم يدفع الرزق فيه يعطل، فهو كأرزاق القضاة والغزاة. انتهى بتصرف.
وأما إن كنت تعطى أجرة على الأذان من شخص معين أو جماعة معينين فترك هذا أولى، فقد اختلف العلماء في جواز أخذ الأجرة على التأذين ونحوه من القرب، فمنع ذلك الحنابلة والحنفية وجوزه المالكية والشافعية، وحجة المانعين حديث عثمان بن أبي العاص: واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا. رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
والخروج من الخلاف أحسن، لكن إن كنت فقيرا محتاجا لهذه الأجرة ولم تجد عملا سوى هذا فلا حرج عليك إن شاء الله في أخذ تلك الأجرة، وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في هذه المسألة قولا وسطا وهو الجواز للفقير المحتاج دون غيره، قال في حاشية الروض: وقيل: يجوز ـ أي أخذ الأجرة على التأذين ـ مع الفقر لا مع الغنى واختاره الشيخ وقال: وكذا كل قربة. انتهى.
وحيث جاز لك أخذ الأجرة أو الرزق على الأذان فإن قصد ذلك لا يقدح في نيتك الأصلية ـ إن شاء الله ـ بل تثاب عليها ويلحقك أجرها بمن الله تعالى وفضله.
والله أعلم.