الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا أن هذه المرأة فعلت ذلك تبركًا بهذا الزيت عند قبر هذا الرجل الصالح، دون أن تدعوه أو تطلب منه الشفاء أو البركة، وإن كان كذلك فما فعلته بدعة منكرة يجب التوبة منها، بخلاف ما إذا طلبت من المقبور الشفاء أو البركة ونحو ذلك، فإن هذه أفعال شركية، وأحلى الأمرين مر. وعلى ما استظهرناه من حال هذه المرأة، ففعلها له حكم من يتبرك بتراب قبور الأنبياء أو الأولياء، وهو محرم، ولكن لا يصل إلى درجة الكفر الأكبر.
فالواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، قال الشيخ ابن باز: البناء على القبور أو سؤال الميت أو التبرك بتراب القبر أو تقبيل القبر أو الصلاة عنده كل هذا من البدع، فلا يصلى عند القبور ولا تتخذ محلا للدعاء أو القراءة عندها، وكل هذا من البدع، أما طلب البركة منها أو الشفاعة منها أو الشفاء للمرضى فهذا من أنواع الشرك الأكبر .. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين: أخذ التراب من القبور للاستشفاء به بدعة، وهو ضلال في دين الله وسفهٌ في العقل، فإن هذا التراب لم يحدث له أي شيء يجعله سبباً في شفاء المرضى من أجل دفن الميت في القبر، بل هذه التربة كسائر تراب الأرض، وليس لها مزيةٌ على غيرها، ومن تبرك بها أو استشفى بها فقد ابتدع وضل وسفه في عقله، وعليه أن يتوب إلى الله عز وجل من هذا العمل، وأن يعلم أن الشفاء من الله عز وجل، وأنه لا شفاء بأي سببٍ من الأسباب إلا ما جعله الله سبباً، ولم يجعل الله تعالى أخذ التراب من القبور سبباً في شفاء المرضى اهـ.
وقال أيضًا: ما يفعله بعض العامة الجهلة من التردد على قبور من يسمونهم أولياء أو يعتقدونهم أولياء للاستشفاء بتراب القبر أو التبرك بالدعوة عنده أو ما أشبه ذلك، فكل هذا من البدع، بل قد تكون وسيلةً إلى الشرك بهم ودعائهم مع الله عز وجل اهـ.
وجاء في (فتاوى اللجنة الدائمة): طلب البركة من أهل القبور شرك بالله؛ لأن البركة تطلب من الله لا من غيره، وبذلك يعلم أن ما يفعله الكثير من الجهلة حول بعض القبور من الاستغاثة بأهلها، والاستنصار بهم، وطلب الشفاء للمرض منهم، شرك أكبر. أما التوسل إلى الله بحقهم أو بجاههم أو بذواتهم، فهذا من البدع المحرمة، ومن وسائل الشرك الأكبر اهـ. وللفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى: 107529.
والله أعلم.