الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إسقاط العدالة يكون بالفسق وارتكاب الكبائر والإصرار على الصغائر أو بفعل ما يقدح في المروءة ولو كان مباحا، وذلك يختلف باختلاف البيئات والأعراف..
قال ميارة المالكي في شرح تحفة الحكام عند قول ابن عاصم:
والعدل من يجتنب الكبائرا* ويتقي في الغالب الصغائرا
وما أبيح وهو في العيان * يقدح في مروءة الإنسان
قال: "أخبر أن العدل هو الذي يجتنب الذنوب الكبائر دائما، كالشرب والسرقة ونحوهما، ويتقي أيضا الذنوب الصغائر في غالب أحواله، ويتقي أيضا الأمر المباح الذي يقدح في المروءة، كالأكل في السوق والمشي حافيا في بلد لا يفعلون ذلك، وإنما قال ويتقي في الغالب لأن النادر لا يعتد به، ولا يسلم منه إلا من عصمه الله تعالى، ولذلك قال مالك: من الرجال رجال لا تذكر عيوبهم، قال ابن يونس: إذا كان عيبه خفيفا"
أما مشي العالم أو الشيخ.. في السوق أو غيره حاسر الرأس فإنه جائز شرعا، ولكنه قد يكون عيبا في بيئة وفي عرف قوم فيكون عندهم من خوارم المروءة ومسقطات الشهادة، وليس هو كذلك عند غيرهم، أو في بيئة أخرى.
والضابط في العدالة: هو السلامة من كل ما يدعو إلى ذم الفاعل في الشرع أو في نظر مجتمعه، وهذا يختلف باختلاف المجتمعات.
قال صاحب الكفاف: وهْيَ تَوَقّيهِ دَواعِي ذمّهِ فعلاً وتركاً في طريق قومِهِ .
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 50992، 53296، 12312.
والله أعلم.