الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أن يشترط الخاطب البكارة أو العذرية فيمن يريد أن يتزوج منها، وإذا تبين أنها ليست كذلك كان له ردها بتخلف ما اشترطه، جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية: ثم لو شرط أحد الزوجين على الآخر صفة مقصودة كالمال والجمال والبكارة ونحو ذلك صح ذلك . وملك بالشرط الفسخ عند فوته في أصح روايتي أحمد ; وأصح وجهي أصحاب الشافعي ; وظاهر مذهب مالك ; والرواية الأخرى لا يملك الفسخ إلا في شرط الحرية والدين. وراجع الفتوى رقم: 3154.
هذا أولا.
ثانيا: لا يجوز اشتراط أن العقد لاغ إذا مارس أحد الزوجين الزنا بعد عقد القران، وإذا اشترط مثل هذا الشرط في العقد فالذي يظهر لنا - والله أعلم - أن هذا من جنس ما يسميه فقهاء المالكية بنكاح الخيار وهو عندهم باطل يفسخ قبل الدخول، ويثبت بعد الدخول بمهر المثل، وقال بعضهم يفسخ أبدا.
جاء فى التاج والإكليل للمواق المالكي: (أو على إن لم يأت بالصداق لكذا فلا نكاح وجاء به) ابن رشد : هذا نكاح خيار ولا خلاف أنه إن لم يأت به للأجل أنه لا نكاح بينهما. اهـ.
وفي شرح الخرشي المالكى: ومما يفسخ قبل الدخول وجوبا ويثبت بعده بالمسمى ما إذا تزوجها على خيار يوما أو أكثر للزوج أو لها أو لغيرهما ولي أو غيره, وكذلك الجواب فيمن تزوج امرأة على أنه إن لم يأت بالصداق الذي وقع به العقد أو بعضه إلى أجل كذا فلا نكاح بينهما وأتى به عند الأجل أو قبله, وإن لم يأت به حتى انقضى الأجل فلا نكاح بينهما قولا واحدا. قاله في التوضيح وظاهره أنه يفسخ أبدا ومثله إن لم يأت به أصلا. اهـ. وما تبقى من أسئلتك مبني على ما إذا تم الزواج بناء على هذا الشرط، وقد علمت حكمه.
وعلى سبيل العموم فإن زنا الزوجة لا يمنع استدامة النكاح، ولا يلزم الزوج أن يطلقها بسببه، ولكن إذا لم تتب وتحسن سيرتها فالأولى أن يطلقها، فلا خير له في أن يبقي في عصمته امرأة قد تدنس عليه فراشه وتلحق به من ليس منه. جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: ولكن أحمد استحب للزوج مفارقة امرأته إذا زنت، وقال: لا أرى أن يمسك مثل هذه لأنه لا يؤمَن أن تفسد فراشه وتلحق به ولدا ليس منه. انتهى.
وأما نسب الأولاد فإنه لا حق بالأب في كل نكاح اعتقد فيه الزوج حل المرأة التي تزوجها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه، فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين.
والله أعلم.