الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أوَّلا على أن الشخص لا يجب عليه تقليد مذهب بعينه، بل يتبع ما عليه الدليل من الكتاب والسنة أو يقلد من يثق بعلمه وورعه، وراجع الفتوى رقم: 56633.
ولا مانع من أخذ أحكام عبادة واحدة من مذاهب مختلفة كما في المثال الذي ذكرتَه، مع العلم بأن تكبيرات الانتقال يقول بها الإمام أحمد كما يقول بها باقي المذاهب، والذي يفترق فيه الحنابلة مع الجمهور في تكبيرات الانتقال هو أن الحنابلة يوجبون التكبيرات للانتقال ويسقطونها سهوا، كما تقدم في فتوانا رقم: 144847.
وعلى أية حال، فإن هذا لا يدخل في ضابط التلفيق بين المذاهب المذموم شرعا، إذ التلفيق المذموم إنما هو في المسألة الواحدة، جاء في الموسوعة الفقهية: المراد بالتلفيق بين المذاهب أخذ صحة الفعل من مذهبين معا بعد الحكم ببطلانه على كل واحد منهما بمفرده, ومثاله: متوضئ لمس امرأة أجنبية بلا حائل وخرج منه نجاسة كدم من غير السبيلين, فإن هذا الوضوء باطل باللمس عند الشافعية, وباطل بخروج الدم من غير السبيلين عند الحنفية, ولا ينتقض بخروج تلك النجاسة من غير السبيلين عند الشافعية, ولا ينتقض أيضا باللمس عند الحنفية فإذا صلى بهذا الوضوء, فإن صحة صلاته ملفقة من المذهبين معا, وقد جاء في الدر المختار: أن الحكم الملفق باطل بالإجماع.
وفي الموسوعة أيضا: والتلفيق المقصود هنا هو ما كان في المسألة الواحدة بالأخذ بأقوال عدد من الأئمة فيها، أما الأخذ بأقوال الأئمة في مسائل متعددة فليس تلفيقا، وإنما هو تنقل بين المذاهب أو تخير منها. انتهى.
والله أعلم.