الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرد على السلام بالمثل واجب وما زاد على المثل مستحب وبيان ذلك أنه ذا اقتصر المسلم على: السلام عليكم ـ جاز الاقتصار في الرد عليه على قول: وعليكم السلام ـ والأفضل زيادة: ورحمة الله ـ وإذا زاد ورحمة الله وبركاته، فقيل يجب الرد عليه بالمثل ولا يجوز الاقتصار على قول وعليكم السلام، لظاهر الآية: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً {النساء:86}.
قال ابن كثير: أي: إذا سلم عليكم المسلم، فردوا عليه أفضل مما سلم، أو ردوا عليه بمثل ما سلم، فالزيادة مندوبة والمماثلة مفروضة. انتهى.
وفي عمدة القاري للعيني: قَالُوا ـ يعني المفسرين ـ معنى الْآيَة إِذا سلم عَلَيْكُم الْمُسلم فَردُّوا عَلَيْهِ أفضل مِمَّا سلم أَو ردوا عَلَيْهِ بِمثل مَا سلم بِهِ، فَالزِّيَادَة مَنْدُوبَة والمماثلة مَفْرُوضَة. انتهى.
وفي تفسير الرازي: إِذَا قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ: وَعَلَيْكُمُ السلام، إلا أن السنة أن يزيد فيه الرحمة والبركة ليدخل تحت قوله: فحيوا بأحسن منها ـ أما إذا قال: السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته، فظاهر الآية يقتضي أنه لا يجوز الاقتصار على قوله وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ. انتهى.
وفي الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: وتلك الزيادة واجبة حيث أتى بها المسلم عليك كما قررنا، وأما لو كان اقتصر على لفظ: السلام عليكم لكان الواجب عليك: وعليكم السلام، ويجوز زيادة ورحمة الله وبركاته، لقوله تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها { النساء: 86} فقوله: بأحسن منها {النساء: 86} إذا كان المسلم اقتصر على لفظ: السلام عليكم ـ وإذا كان المسلم انتهى إلى لفظ وبركاته فلا بد منها وتكره الزيادة عليها. انتهى.
وفي اللقاء الشهري للشيخ محمد بن صالح العثيمين: من الأمور التي تجب ملاحظتها في السلام: أن ترد بالمثل كماً وكيفاً، أي: في الكمية وفي الكيفية، فإذا قال المسلِّم: السلام عليك ورحمة الله، فالجواب: عليك السلام ورحمة الله، إذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فالجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه وخيراته، اقتصرت على وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لأن هذا ما جاءت به السنة وهذا باعتبار الكمية، يعني: أعطه من الجمل مثل ما أعطاك. انتهى.
وحمل بعض الفقهاء الرد بالمثل في حال الزيادة على السلام عليكم على الأكمل وعليه فيجوز الاقتصار في الرد على وعليكم السلام ولوزاد المسلم ورحمة الله، ففي نيل المرام من تفسير آيات الأحكام للمؤلف أبي الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري: قال القرطبي: أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنّة مرغّب فيها وردّه فريضة لقوله: فَحَيُّوا، وظاهر الأمر الوجوب، والمراد بقوله: أَوْ رُدُّوها الاقتصار على مثل لفظ المبتدئ بأن يقول المجيب: وعليكم السلام في مقابلة السلام عليكم، وظاهر الآية الكريمة أنه لو رد عليه بأقل مما سلم به أنه لا يكفي وحملها الفقهاء على أنه الأكمل فقط. انتهى.
لكننا لم نجد من ذكرالدليل الصارف عن ظاهر الآية الذي يدل على الوجوب، وانظرالفتوى رقم: 157739
والله أعلم.