الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما زوجتك فالواجب عليها أن تبقى محرمة حتى تؤدي عمرتها، وليس الزحام المذكور عذرا في التحلل وترك إتمام النسك فما أكثر النساء اللاتي يؤدين نسكهن بلا ضرر في هذا الوقت، ولها أن تؤخر عمرتها إلى أن تخف الزحمة، لكن لا بد أن تستمر في إحرامها في ذلك، وأما اشتراطها فإنه يبيح لها التحلل عند بعض العلماء وهو ترجيح الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ وانظر الفتوى رقم: 100930.
ولكن الاحتياط ألا تتحلل ما دامت قادرة على أداء النسك بلا مشقة كبيرة ـ كما هو الظاهر ـ وأما أختك فما دام الصوم يشق عليها فلها أن تفطر، فإن عجزت عن القضاء حتى مر رمضان أو أكثر فلا شيء عليها، وعليها أن تقضي عند تمكنها من ذلك، وإن كان فطرها للخوف على الولد فعليها الفدية إضافة إلى القضاء عند بعض العلماء، وانظر للتفصيل الفتوى رقم: 113353.
وأما خروجك من الاعتكاف: فإن كان لما لا بد منه كقضاء الحاجة وشراء طعام لا بد منه ونحو ذلك فلا يضر ولا ينقطع به الاعتكاف، وأما خروجك للصلاة في مسجد آخر أو للعمل أو لأمر لك منه بد فإنه يبطل به الاعتكاف وانظر الفتويين رقم: 57602، ورقم: 100759.
ولكن إذا اشترطت فعل ما لك منه بد كالصلاة في مسجد آخر أو نحو ذلك لم يفسد اعتكافك بالخروج إليه عند كثير من العلماء، قال الموفق رحمه الله: إذا اشترط فعل ذلك ـ يعني عيادة المريض واتباع الجنازة ـ في اعتكافه فَلَهُ فِعْلُهُ، وَاجِبًا كَانَ الِاعْتِكَافُ أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ قُرْبَةً، كَزِيَارَةِ أَهْلِهِ، أَوْ رَجُلٍ صَالِحٍ أَوْ عَالِمٍ، أَوْ شُهُودِ جِنَازَةٍ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مُبَاحًا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، كَالْعَشَاءِ فِي مَنْزِلِهِ، وَالْمَبِيتِ فِيهِ، فَلَهُ فِعْلُهُ، قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ الْمُعْتَكِفِ يَشْتَرِطُ أَنْ يَأْكُلَ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَ: إذَا اشْتَرَطَ فَنَعَمْ، قِيلَ لَهُ: وَتُجِيزُ الشَّرْطَ فِي الِاعْتِكَافِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت لَهُ: فَيَبِيتُ فِي أَهْلِهِ؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ تَطَوُّعًا، جَازَ، وَمِمَّنْ أَجَازَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَشَاءَ فِي أَهْلِهِ الْحَسَنُ وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو مِجْلَزٍ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ. انتهى.
والله أعلم.