الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية لها حدود معلومة في الشرع كتحريم الخلوة بينهما، ومنع المرأة من الخضوع بالقول، ومنعها من إبداء زينتها الباطنة، وأما الكلام بينهما من غير خلوة أو خضوع بالقول فهو جائز عند الحاجة إذا أمنت الفتنة، فإذا لم تكن هناك حاجة معتبرة للكلام بينهما أو خيفت الفتنة عليهما فالكلام ممنوع.
قال العلّامة الخادمي رحمه الله في كتابه: بريقة محمودية (وهو حنفي) قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة.
بل مجرد إلقاء السلام من أحدهما على الآخر لا يجوز عند خوف الفتنة.
قال ابن حجر معلقاً على قول البخاري في صحيحه: ( باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال): والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة. فتح الباري- ابن حجر -
وعليه؛ فالأمثلة المذكورة في السؤال غير الجزئية الأولى ينظر فيها إلى وجود الحاجة للكلام وتأكدها من عدمه، والأمن من الفتنة. فقد يكون الكلام واجبا وقد يكون مندوبا، وقد يكون مكروها، وقد يكون محرما، فمن رأت رجلا تائها ولم يكن غيرها يقدر على دلالته على الطريق، ولم تخف من الفتنة، فالمستحب أن تدله على الطريق مع الاقتصار على قدر الحاجة، وأما إن وجد رجل يدله على الطريق فكلامها معه مكروه، بل محرم إذا خيفت الفتنة، وإن كانت تخاف عليه الهلاك لو لم تدله كانت دلالته واجبة في حقها. وإذا رأت المرأة رجلا يفعل منكرا فإنها تنهاه عن المنكر إن أمنت الفتنة، وقد يكون ذلك مستحبا أو واجبا حسب ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وراجعي الفتوى رقم: 46652 والفتوى رقم: 67174 وللفائدة انظري الفتاوى أرقام: 21582، 107091، 3672
أما مكافأة من قدم معروفا بالدعاء ونحوه مما لا يحتاج إلى مخاطبة فلا فرق فيها بين المرأة والرجل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفاً فكافؤوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أن قد كافأتموه. رواه أحمد.
والله أعلم.