الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما سألت عنه من الأوامر الداخلة تحت مفهوم هذا الحديث فذلك لا يسعه الحصر، إذ إن هذا الحديث نص قاعدة من بين خمس قواعد قام عليها الفقه بأسره، إلا أن مورد هذا الحديث غالبا عند أهل العلم في الضرر في حق الغير وليس في حق النفس وإن كان شاملا لكل ضرر، وقد اختلف في تحديد معنى غريبه.
قال في مشارق الأنوار: ( لا ضرر ولا ضرار قيل هما بمعنى على التأكيد، وقيل الضرر أن تضر صاحبك بما ينفعك، والضرار بما لا منفعة لك فيه وهو يضره، وقيل لا ضرر لا يضر الرجل أخاه مبتديا في شيء، ولا ضرار لا يجازيه على ضرره به بل يعفو ويسمح له، فالضرار من اثنين والضرر من واحد).
وأما ما ذكرته من خصوص تناول الطعام المشتمل على الضرر، فإن إلحاق المرء الضرر بنفسه بأي وسيلة من مطعم أو مشرب أوغير ذلك محرم شرعا لقوله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء: 29}.
فإذا ثبت أن طعاما ما يترتب على تناوله ضرر معتبر، وذلك من خلال إخبار أهل الخبرة والاختصاص الموثوقين، فإنه لا يجوز تناوله ولو كان حلالا في أصله.
وأما إذا لم يثبت الضرر، أو ثبت ولكنه خفيف يحتمله الجسد العادي، فيبقى الحكم على أصل الحل والجواز.
قال البجيرمي في تحفة الحبيب على شرح الخطيب: ( قوله : ( ويحرم ما يضر البدن أو العقل ) ..... وقوله : ما يضر البدن قال الأذرعي : المراد الضرر البين الذي لا يحتمل عادة لا مطلق الضرر )
والله أعلم.