الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قص الله تبارك وتعالى علينا في محكم كتابه من قصة نبيه عيسى ـ عليه السلام ـ ما نأخذ منه الدروس والعظات والعبر، ولو كان في تعيين الرجل الذي ألقى الله عليه شبهه فائدة لنا لذكره في محكم كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد صح عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما: أن المسيح عليه السلام قال لمن كان معه من أصحابه في البيت: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي؟ فقام شاب من أحدثهم سنا، فقال له: اجلس، ثم أعاد عليهم فقام ذلك الشاب فقال: اجلس، ثم أعاد عليهم، فقام ذلك الشاب فقال: أنا, فقال: أنت هو ذاك، فألقي عليه شبه عيسى ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء.
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره معلقا على هذا الأثر: وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس، وكذا ذكر غير واحد من السلف أنه قال لهم: أيكم يلقى إليه شبهي فيقتل مكاني وهو رفيقي في الجنة. انتهى.
ثم قال رحمه الله: واختار ابن جرير أن شبه عيسى ألقي على جميع أصحابه. انتهى.
وهذا وارد في أثر عن وهب بن منبه رواه ابن جرير ـ رحمه الله ـ وذكره ابن كثير: وفيه أنهم لما أحاطوا بعيسى وأصحابه ودخلوا عليهم: صورهم الله عز وجل كلهم على صورة عيسى، فقالوا لهم: سحرتمونا ليبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعا حتى خرج إليهم واحد منهم بعدما وعده عيسى عليه السلام بالجنة فأخذوه وصلبوه.
لكن قال ابن كثير بعده: وهذا سياق غريب جدا. انتهى.
وقال أيضا رحمه الله: وبعض النصارى يزعم أن يودس زكريا يوطا ـ وهو الذي دل اليهود على عيسى ـ هو الذي شبه لهم فصلبوه، وهو يقول: إني لست بصاحبكم أنا الذي دللتكم عليه، فالله أعلم أي ذلك كان. انتهى.
وعلى كل حال، فتعيين هذا الرجل أو معرفة اسمه لا يترتب عليها شيء.
والله أعلم.