الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يرحم فقيدك، وأن يحسن عزاءك فيه، ويسليك عنه بالصبر الجميل، ويسليه عنك بالجنة، ثم إن المقتول ظلما على أي وجه كان قتله ـ قنصا، أو دفاعا عن نفسه، أو عن أهله ـ شهيد في أحكام الآخرة له ما للشهداء من الأجر والثواب، وقد دعا عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال: اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك، ووفاة ببلد رسولك صلى الله عليه وسلم.
فقتل ـ رضي الله عنه ـ طعنا وهو يصلي بالناس، وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة، ومثله في كل هذا عثمان. قال ابن عبد البر: وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَقْتُولَ ظُلْمًا شَهِيدٌ فِي غَزَاةٍ أَوْ فِي غَيْرِ غَزَاةٍ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا.
قال المناوي رحمه الله: المقتول ظلما تكفر عنه ذنوبه بالقتل، كما ورد في الخبر الذي صححه ابن حبان وغيره: إن السيف محاء للخطايا.
بل قد اعتبر الحنابلة في المشهور من مذهبهم أن المقتول ظلما شهيد في أحكام الدنيا والآخرة معا، فلا يغسل ولا يصلى عليه، قال ابن مفلح في الفروع: ولا يغسل المقتول ظلما على الأصح.
وبهذا تعلم أن أباك وغيره ممن قتل ظلما في هذه الملحمة لهم حكم الشهيد ـ إن شاء الله تعالى ـ غير أن الحكم على أحد بعينه أنه شهيد لم يكن من شأن السلف الصالح، بل كانوا يشددون النكير على من صدر منه ذلك، لأن الحكم بالشهادة هو حكم بالجنة، وعلم دخول الجنة عند الله عز وجل لا يعلمه غيره، ولا يمكن الاطلاع عليه إلا بوحي منه سبحانه.
والله أعلم.