الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القصد أن الشخص ليس من مستحقي زكاة الفطر، فلا يجوز له أن يأخذها، فإن فعل ذلك كان ظالما لنفسه، آخذا لحق غيره، ضامنا له وهو كالغاصب، وعليه إرجاعها.
ففي مطالب أولي النهى ممزوجا بمتن المنتهى في الفقه الحنبلي: (وَحَيْثُ دُفِعَتْ) الزَّكَاةُ (لِغَيْرِ مُسْتَحَقِّهَا، لِجَهْلِ دَافِعٍ) بِهِ، (وَجَبَ) عَلَى آخِذِهَا (رَدُّهَا لَهُ بِنَمَائِهَا مُطْلَقًا). انتهى.
فإن أخرج منها زكاة فطره وضمنه المالك إياها فهل تجزئه أم لا؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم.
ففي الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: أَدَاءُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي الزَّكَاةِ غَيْرُ مُجْزِئٍ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: ثُمَّ إنَّ أَبَا الْخَطَّابِ صَرَّحَ بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الزَّكَاةِ. وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ كَمَا انْتَظَمَهُ عُمُومُ إيرَادِ الْكِتَابِ. فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَدَاءِ الْمَغْصُوبِ عَنْ الْغَاصِبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَهَذَا شَيْءٌ لَا يَقْبَلُ نِزَاعًا أَلْبَتَّةَ. لَمَا فِيهِ مِنْ النَّصِّ. فَلَا يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى ممزوجا بمتن المنتهى: وَكَذَا) يَحْرُمُ تَصَرُّفُ غَاصِبٍ وَغَيْرِهِ فِي مَغْصُوبٍ (بِمَا لَهُ حُكْمٌ) ؛ بِأَنْ يُوصَفَ تَارَةً بِالصِّحَّةِ وَتَارَةً بِالْفَسَادِ؛ (كَعِبَادَةٍ) ؛ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ يَتَيَمَّمَ بِالتُّرَابِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي الْبُقْعَةِ الْمَغْصُوبَةِ، أَوْ يُخْرِجَ الزَّكَاةَ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ يَحُجَّ مِنْهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، ..(وَكَعَقْدٍ) كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبَ، أَوْ أَجَّرَهُ، أَوْ أَعَارَهُ،...(وَلَا يَصِحَّانِ) - أَيْ: عِبَادَةُ الْغَاصِبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَلَا عَقْدُهُ - فَيَكُونَانِ بَاطِلَيْنِ؛ لِحَدِيثِ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» . أَيْ: مَرْدُودٌ. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: فلو غصب إنسانٌ شاةً ، ... ولو ضحّى بها عن نفسه لم تجزئ عنه، لعدم الملك، ثمّ إن أخذها صاحبها مذبوحةً، وضمّنه النّقصان، فكذلك لا تجزئ عن واحدٍ منهما. وإن لم يأخذها صاحبها، وضمّنه قيمتها حيّةً، أجزأت عن الذّابح، لأنّه ملكها بالضّمان من وقت الغصب، فصار ذابحاً لشاةٍ هي ملكه، لكنّه آثمٌ، لأنّ ابتداء فعله وقع محظوراً، فتلزمه التّوبة والاستغفار. وهذا قول أبي حنيفة وصاحبيه وقولٌ للمالكيّة. وقال زفر والشّافعيّة، وهو أحد قولي المالكيّة، وأحد روايتي الحنابلة، لا تجزئ عنه، لأنّ الضّمان لا يوجب الملك عندهم . ر : ( غصبٌ ) .
وهذا وإن كان في الأضحية إلا أنه لا فرق بينها وبين زكاة الفطر في هذا الحكم.
وبهذا يتبن للسائل حكم إقدام غير مستحق الزكاة على أخذها، وحكم إخراج الزكاة من مال غير مملوك للمخرج.
وانظرالفتوى رقم: 128120، والفتوى رقم: 109769، لمزيد الفائدة عن حكم من دفع الزكاة لغير مستحقها. والله أعلم.