الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فليست الدراسة عذرا في التأخر عن الجمعة بعد سماع ندائها, ولا يجوز التأخر في السعي إلى الجمعة حتى يكون الوصول عند الخطبة الثانية من غير عذر، لأن الله أمرنا بالسعي إليها عند النداء، وأمرنا بترك ما يشغلنا عنها، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {سورة الجمعة: 9}.
وقوله: وَذَرُواْ البيع ـ أي : اتركوا المعاملة به، قال الشوكاني في فتح القدير: ويلحق به سائر المعاملات... اهـ.
فالدراسة تترك عند سماع نداء الجمعة ولا يجوز الاشتغال بها بعد النداء.
وأما إقامة الجمعة في المدرسة.. فإن صلاة الجمعة لا يشترط أن تقام في مسجد على الراجح، ولا تحت صومعة ومئذنة؛ إلا أنه لا يجوز تعدد الجمعة في البلد الواحد لغير حاجة، كما فصلناه في الفتويين رقم: 137392, ورقم: 132487.
ويرجع في تقدير الحاجة إلى ولي الأمر عندكم ممثلا في وزارة الأوقاف، إذ إن تعدد الجمعة لا بد فيه من إذن ولي الأمر, قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في شرح الزاد: إذن الإمام هناك لا يشترط في إقامة الجمعة الواحدة، أما في التعدد فلا بد من إذن الإمام، والفرق بينهما ظاهر، فالأولى لو قلنا: إنه يشترط لإقامة الجمعة إذن الإمام لكانت الفرائض باختيار الأئمة، أما تعدد الجمعة فلا بد من إذن الإمام، لئلا يفتات عليه وتتفرق الأمة، وهذا أمر يرجع إلى الدين من جهة، وإلى نظام الدولة من جهة أخرى, فرجوعه إلى الدين، لأن الدين ينهانا عن التفرق في دين الله، قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا {آل عمران: 103} وقال تعالى: أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ {الشورى: 13} وأما رجوعه إلى نظام الدولة، فإن ولي الأمر هو الذي له الكلمة فيكون في إقامة الجمعة الثانية افتيات على الإمام، فتكون كل طائفة من الناس تود أن تتزعم البلد فتجعل في محلها جمعة. اهــ.
فلا يجوز لكم إقامة الجمعة في المدرسة ما دمتم قادرين على أدائها في المسجد، فإن منعتكم إدارة المدرسة من الذهاب للجمعة فارفعوا الأمر إلى الجهات المختصة عندكم حتى تلزم المدرسة بالسماح لكم بصلاة الجمعة في وقتها.
والله أعلم.