الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ارتدت الزوجة عن الإسلام فلا تحل لزوجها، بل يجب عليه مفارقتها، فإن عادت إلى الإسلام في عدتها حلت له بالنكاح الأول, وراجع الفتوى رقم 183479.
وفي حال ردتها لا معنى للسؤال عن عذرها بالجهل فيما يتعلق ببقائها مع الزوج وعدمه؛ لأن أمرها حينئذ أكبر من ذلك، فهي مطالبة قبل كل شيء بالتوبة من الردة والرجوع إلى الإسلام.
وعلى كل فهي لا تحل لزوجها في حال ردتها - كما أسلفنا - ولا تجوز له معاشرتها, ويجب عليه مفارقتها, ولو كانت ردتها إلى اليهودية أو النصرانية، فإنها لا تعتبر حينئذ كتابية، فلا يصح قياس حالها على حال زواج المسلم من الكتابية.
وزواج المسلم من الكتابية جائز بشرط كونها عفيفة، ولا يشترط أن يكون المسلم على علم بمسألة جواز الزواج من الكتابية قبل أن يريد الزواج منها، ولكن إذا أراد الإقدام على ذلك فلا يجوز له فعله إلا عن علم, قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، قال القرطبي رحمه الله: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. {النحل: 43}. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
والله أعلم.