الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارة قد كثر تداولها في كتب الأشاعرة وأمثالهم من نفاة صفات الله تعالى، وقد نسبها بعضهم إلى علي - رضي الله عنه - كما فعل الخطيب البغدادي في كتابه: "الفَرق بين الفِرَق" ولم يذكر لها إسنادًا، قال الدكتور عبد الله بن حسين الموجان في كتابه: الرد الشامل على الدكتور عمر كامل: فأين الإسناد عن علي بأن الله (كان ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان) وقد نقلته من الفَرْقِ بين الفِرَقِ وهو مصنف لرجل أشعري......اهـ. وهم يريدون بهذه العبارة نفي علو الله تعالى على خلقه واستوائه على عرشه، ويذكرونها في هذا السياق.
والصواب أن الله تعالى مستو على عرشه، بائن من خلقه، وفوق جميع خلقه، وقد أخبر أنه خلق السموات والأرض ثم استوى على العرش، وذلك في سبعة مواضع من كتابه الكريم، منها قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54].
وصفات الرب تعالى توقيفية، فلا يجوز أن يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا أحد أعلم بالله من الله، ولا أحد أعلم بالله من خلقه؛ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذه قاعدة مهمة في باب الصفات ينبغي مراعاتها جيدًا, ويمكن أن تراجع فيها الفتوى رقم: 57265, وهنالك قاعدة أخرى, وهي: أن الألفاظ المجملة يستفصل قائلها، فإن أراد بها معنى حقًّا أقر، وإن أراد بها معنى باطلاً رد هذا المعنى الباطل, ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتوى رقم: 66332.
ومن العبارات التي ورد بها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصف بها ربه عز وجل ما روى البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن، إذ لم يقبلها بنو تميم, قالوا: قد قبلنا يا رسول الله, قالوا: جئناك نسألك عن هذا الأمر, قال: كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض.
وفي رواية: لم يكن شيء قبله. قال ابن حجر : وفي رواية غير البخاري :" ولم يكن شيء معه", ولمعرفة المزيد عن هذا الحديث يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 21199.
فالعبارة المذكورة بالسؤال إن أريد بها هذا المعنى فهذا حق، وإن أريد بها نفي الاستواء والعلو فهذا باطل.
والله أعلم.