الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي كلتا المرتين الأولى والثانية لزمك طلاق معتبر يحسب من الثلاث بحيث لم يبق لك من عصمة الزوجية إلا طلقة واحدة، وذلك لحصول لفظ الطلاق الصريح في كلتا المرتين.
أما قولك لهذه الزوجة فور الطلقة الثانية: (علي كأمي) فإن هذا اللفظ محتمل للظهار وغيره، فلا ينصرف إلى الظهار إلا بنية.
قال السرخسي: ولو قال أنت علي كأمي فهذا كلام يحتمل وجوها لأن الكاف للتشبيه، وتشبيه الشيء بالشيء قد يكون من وجه وقد يكون من وجوه، فإذا نوى به البر والكرامة لم يكن مظاهرا لأن ما نواه محتمل ومعناه أنت عندي في استحقاق البر والكرامة كأمي، وإن نوى الظهار فظهار لأنه شبهها بجميع الأم . اهـ
وقال ابن عبد البر في الكافي: فان قال أنت علي كامي ولم يذكر الظهر، أو قال أنت علي مثل أمي فإن أراد الظهار فله نيته. اهـ
وقال في المهذب: فصل: وإن قال أنت علي كأمي أو مثل أمي لم يكن ظهاراً إلا بالنية.
وقال في التنبيه: وإن قال: أنت علي كأمي أو مثل أمي لم يكن مظاهرا إلا بالنية، وإن قال: أنت طالق كظهر أمي فقال: أردت الطلاق والظهار، فإن الطلاق رجعيا صارت مطلقة ومظاهرا منها، وإن كان بائنا لم يصر مظاهرا منها.
وعلى هذا فإن كنت أردت بهذا اللفظ ظهارا - كما هو الظاهر - فهي رجعية مظاهر منها، ولا يجوز لك أن تقربها قبل التكفير ولا خلاله، والواجب عليك فيما حصل منك من الجماع أن تستغفر الله منه أولا فقد ارتكبت إثما عظيما، ولا تتكرر عليك الكفارة بجماع زوجتك قبل التكفير.
قال مالك في الموطأ: ومن تظاهر من امرأته ثم مسها قبل أن يكفر ليس عليه إلا كفارة واحدة، ويكف عنها حتى يكفر وليستغفر الله. اهـ
ولكن عليك أن تستأنف الكفارة بالصيام من جديد ولو كنت جامعتها ليلا على قول الجمهور، وراجع للتفصيل الفتوى رقم 183543 .
أما إذا كنت لم تقصد بهذا اللفظ (علي كأمي) ظهارا فلا يعتبر ظهارا ولاحرج عليك في قربان زوجتك ولا كفارة عليك.
والله أعلم.