الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإسراف هو مجاوزة الحد في استهلاك المباحات، بالمبالغة في أكلها أو شربها أو غير ذلك من الاستخدامات.
قال
ابن عابدين في رد المحتار:
الإسراف صرف الشيء فيما ينبغي زائداً على ما ينبغي. انتهى
وقد سبق تعريف الإسراف مفصلاً في الفتوى رقم:
12649.
والإسراف خُلق مذموم، أفتى العلماء بحرمته، ومنهم من قال بكراهته، والقول بالحرمة أولى، لأن الأدلة تشهد له، وقواعد الشريعة تعضده وتقويه.
قال
السرخسي في المبسوط -حنفي-:
وأما السرف فحرام، لقول الله تعالى:وَلا تُسْرِفُوا وقال جل وعلا:وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا [الفرقان:67]. وذلك دليل على أن الإسراف والتقتير حرام، وأن المندوب إليه ما بينهما. انتهى
وقال
الخادمي في بريقة محمودية -حنفي-:
اعلم أن الإسراف حرام قطعي، لثبوته بقطعي، ومرض قلبي، وخلق رديء دنيء، ولا تظنن أنه أدنى كثيراً في القبح من البخل... انتهى
وقال في المبسوط:
ولأنه إنما يأكل في منفعة نفسه، ولا منفعة في الأكل فوق الشبع، بل فيه مضرة، فيكون ذلك بمنزلة إلقاء الطعام في مزبلة، أو شر منها، ولأن ما يزيد على مقدار حاجته من الطعام فيه حق غيره، فإنه يسد به جوعته إذا أوصله إليه بعوض أو بغير عوض، فهو في تناوله جانٍ على حق الغير، وذلك حرام، ولأن الأكل فوق الشبع ربما يمرضه، فيكون ذلك كجراحته. انتهى
وإلى القول بالتحريم ذهب شيخ الإسلام
ابن تيمية -رحمه الله- كما نقله عنه غير واحد منهم
ابن مفلح في الآداب الشرعية فقال:
وقال الشيخ تقي الدين في موضع آخر: الإسراف في المباحات هو مجاوزة الحد، وهو من العدوان المحرم. انتهى
وقد جاء القرآن الكريم والسنة النبوية، بالتنفير من هذا الفعل الذميم، فقد جعل الله تعالى المسرف أخاً للشيطان فقال عز وجل:
إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً [الإسراء:27].
والمسرف غير محبوب عند الله تعالى، فقد قال عز وجل:
إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام:141].
فضلاً عن أن الإسراف يؤدي إلى كثير من المعاصي الأخرى، كقصد السمعة والرياء بهذا السرف، والوقوع في البطالة وضعف النفس والكسل.
وأما السنة فقد ورد فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم:
ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. رواه
أحمد والترمذي وهو حديث صحيح.
فعلى الأخ السائل الكريم أن يقلع عن هذا الخلق، لما يترتب عليه من الضرر البدني والديني، لاسيما وأنه يؤثر على صلاته، والمرء مأمور بحفظ دينه والأخذ بالأسباب المؤدية إلى حفظه. وراجع الفتوى رقم:
2298 والفتوى رقم:
12649.
والله أعلم.