الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة ينبغي أن تجلسوا ثلاثتكم وتتفقوا فيها على ما يحقق المصلحة ويدفع الضرر, فالصلح خير, وهو في قضايا الخصومة بين ذوي الرحم آكد؛ لأن حكم القاضي قد لا يدفع ما في النفوس, بل يبقي شحناء وبغضاء, ولذا يرى بعض العلماء أن الصلح هو الذي يتعين أن يفض به نزاع ذوي الأرحام, قال ابن عاصم في تحفته:
والصلح يستدعي له إن أشكلا * حكَم وإن تعين الحق فلا
ما لم يخف بنافذ الأحكام * فتنة أو شحنا أولي الأرحام.
وإذا لم تصطلحوا على أمر جامع يحقق لكل منكم المصلحة ويدفع عنه المفسدة, فترفع المسألة للقضاء ليسمع الدعاوى, ويقف على البينات, ويفصل بين الخصوم, ولا تكفي في ذلك الفتوى عن بعد.
غير أننا نبين لك إجمالًا أنه إذا كان تصرف الأخ في نصيبه بما ذكرت سيؤدي إلى سد الطريق عليك وعدم انتفاعك بنصيبك فليس له ذلك, أو يترك لك طريقًا يمكنك من الانتفاع بنصيبك, قال ابن عاصم في تحفة الحكام:
وَمُحْدِثٌ ما فِيهِ لِلْجَارِ ضَرَرْ * محَقَّقٌ يُمْنَعُ مِنْ غَيْرِ نَظَرْ
كالفُرْنِ والبَابِ وَمِثْلِ الأَنْدَرِ * أوْ ما لهُ مَضَرَّةٌ بالجُدُرِ
قال شراحه: ما فيه ضرر محقق بالبينة كونه ضررًا كالأمثلة المذكورة لا محتمل كونه ضررًا، أو كان غير ضرر كصوت الصبيان في المكتب وصوت الرحى ونحوهما، فقد صح عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا ضرر ولا ضرار. رواه في الموطأ وغيره, وللفائدة انظر الفتوى رقم: 156315.
والله أعلم.