الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من السنة بناء القباب على القبور, كما بينا في الفتوى رقم: 9943، والفتوى: 29974.
ولكنه يشرع أن يرفع القبر قدر شبر؛ ليعرف أنه قبر ويسنم، لقول سفيان التمار: (رأيت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مسنمًا) رواه البخاري, ولا يرفع القبر فوق هذا القدر؛ لما روى الجماعة إلا البخاري أن عليًا - رضي الله عنه - بعث أبا الهياج الأسدي وقال: ( ألا أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدع تمثالًا إلا طمسته, ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته), وعن القاسم بن محمد قال: (قلت لعائشة: يا أماه، اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء). رواه أبو داود, وروى مسلم عن جابر - رضي الله عنه - أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر, وأن يبنى عليه, وأن يقعد عليه.
ويشرع ان يعلَّم القبر بنحو حجر أو حصى؛ لما روى الشافعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع الحصى على قبر ابنه إبراهيم.
وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم صخرة عند رأس عثمان بن مظعون وقال: أتعلم بها قبر أخي لأدفن إليه من مات من أهلي. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وأما عن كون القبور التي تعزى للصحابة ثابت أنها للصحابة: فإن كثيرًا من الناس يذكرون أن قبور بعض الأمهات والآل وعثمان بن عفان وصحابة آخرين معروفة, وبمراجعة بعض كتابات من كتبوا عن البقيع تجد ذلك موضحًا, كما في كتاب الدر الثمين للشيخ غالي الشنقيطي - رحمه الله -.
والله أعلم.