الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيصح أن يقال: إن علم الإنسان مخلوق؛ لأن علمه داخل في جملة أفعاله التي هي من خلق الله تعالى, كما قال سبحانه وتعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ {الصافات:96}، ويصح وصف المخلوق بالعلم, كما يدل له قول الله تعالى: قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ {الحجر:53}, وقوله سبحانه: فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ {الذاريات:28}، ولا يلزم من ذلك تشبيه المخلوق بالخالق، فقد قال الله تعالى: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ {الشورى:11}،" فقد وصف الله نفسه في هذه الآية بالسمع والبصر، ووصف الإنسان بذلك في قوله تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا {الإنسان:2}، ولا يلزم من اتفاق اللفظين؛ اتفاق المسميين أو تشابه الصفتين؛ فشتان ما بين صفة الخالق والمخلوق والرب والمربوب.
قال الشيخ ابن عثيمين في القول المفيد شرح كتاب التوحيد: ولا يلزم من اتفاق الاسمين اتفاق المسميين، فإذا كان الإنسان رؤوفًا، فلا يلزم أن يكون مثل الخالق، فلا تقل: إذا كان الإنسان سميعًا بصيرًا عليمًا لزم أن يكون مثل الخالق، لأن الله سميع بصير عليم، كما أن وجود الباري سبحانه لا يستلزم أن تكون ذاته كذوات الخلق، فإن أسماءه كذلك لا يستلزم أن تكون كأسماء الخلق، وهناك فرق عظيم بين هذا وهذا. اهـ
والله أعلم.