الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وسائل الصَّدِّ عن المُعتقد الفاسد: التنفيرُ منه, والاستخفاف بشأنه، وقصة نبي الله إبراهيم - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - أصل في ذلك؛ حيث كان بإمكانه أن يهدم الأصنام أجمعين بلا استثناء، ولكنه أراد إيصال رسالة لهم، فهدمها إلا أكبرها، ولمَّا سألوه: هل أنت الذي كسر الأصنام, أحالهم إلى آلهتهم المُدَّعاة ليسألوها، فأجابوه قائلين: "لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ" {الأنبياء:65}، فكيف تَهَكَّمُ بنا! وتستهزئ بعقولنا! وتستخِفَّ بمعبوداتنا! وتأمرنا أن نسألها وأنت تعلم أنها لا تنطق!؟
فقال إبراهيم - موبِّخًا لهم, ومبينًا عدم استحقاق آلهتهم للعبادة -: { أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ {الأنبياء:66- 67} أي: ما أضلَّكم وأخْسَرَ صفقتكم! وما أخسَّكم أنتم وما عبدتم من دون الله! إن كنتم تعقلون فقد عرفتم حال آلهتكم وعجزها عن دفع ما يصيبها، فلمَّا عدِمتم العقل، وارتكبتم الجهل والضلال على بصيرة صارت البهائم، أحسنَ حالًا منكم!
ولكن يجب الانتباه إلى أن الاستهزاء بالمعتقد الباطل إنما يكون مصلحة وعبادة مشروعة إذا لم يؤدِ إلى شرٍ ومفسدة أعظم في دين, أو بدن, أو مال الداعية المستهزئ المنكِر، فالأمر يحتاج إلى فقه ورُشد وحِكمة بالغة، وانظر الفتوى رقم: 2093 - 16884 - 30761 - 17948 - 168129.
والله أعلم.