الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل هذا الداعية استفاد ما ذكره مما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من أن: من دعا لأخيه بظهر الغيب قال له الملك: ولك بمثله, وهذا فهم عجيب, فإن الملك لا يدعو للمؤمن بحصول أمر مستحيل، والصواب الذي لا شك فيه هو ما صح به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن الوسيلة منزلة في الجنة لا ينالها إلا عبد واحد وهو النبي صلى الله عليه وسلم, والداعي للنبي صلى الله عليه وسلم بنيل الوسيلة إنما يحصل له عظيم الأجر, ويكون على رجاء استحقاق شفاعته صلى الله عليه وسلم, وأعظم بها من مثوبة، قال المباركفوري: الوسيلة هي: ما يتقرب به إلى الكبير، يقال: توسلت أي: تقربت، وتطلق على المنزلة العلية، قاله الحافظ, والمتعين المصير إلى ما في هذا الحديث من تفسيرها (فإنها) أي: الوسيلة (منزلة في الجنة) من منازلها, وهي أعلاها على الإطلاق (لا تنبغي) أي: لا تليق, ولا تصلح, ولا تحصل, ولا تتيسر تلك المنزلة (وأرجو) قال المناوي: ذكره على منهج الترجي تأدبًا وتشريعًا, وقال القرطبي: قال ذلك قبل أن يوحى إليه أنه صاحبها، ثم أخبر بذلك، ومع ذلك فلا بد من الدعاء بها، فإن الله يزيده بكثرة دعاء أمته رفعة, كما زاده بصلاتهم، ثم يرجع ذلك إليهم بنيل الأجور, ووجوب شفاعته صلى الله عليه وسلم. انتهى, فما استدركته على هذا الداعية في محله.
والله أعلم.