الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم - أيها السائل - أن الهيئات والمؤسسات الإسلامية العريقة، كهيئة كبار العلماء, واللجنة الدائمة للإفتاء, ومجمع الفقه الإسلامي, والمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي, ومجمع البحوث الإسلامية، قد منعت من تمثيل الصحابة - رضي الله عنهم - ونصت على أن ما فيها من مفاسد يزيد عن ما فيها من مصالح, وراجع الفتوى رقم: 185521.
وقال الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر السابق بعد أن قرر حرمة تمثيل الأنبياء: بل إن هذا الحظر يمتد إلى الأصحاب الذين عاصروا الرسالة, وأسهموا في إبلاغها؛ لأن القدوة من بعد النبي صلى الله عليه وسلم في هؤلاء الأصحاب، ومن ثم كان لزامًا صونهم عن التمثيل والتشخيص، ويكفي أن نسمع أقوالهم مرددة من خلال الأصوات التالية لها, وأهيب بالمسئولين عن الثقافة في المسارح أن يعيدوا النظر فيما لديهم من قصص مستقاة من القرآن أو السيرة النبوية الشريفة، وأن يرفعوا منها كل ما كان فيه تشخيص لأحد الأنبياء, أو زوجه, أو ولده, ووالده, ووالدته, أو أحد أصحابه، فإنه إذا كانت المصلحة في تقريب هذه القصص تمثيلًا وتصويرًا للناس، إلا أن المفسدة في تجسيد النبي أو أحد هؤلاء الأقربين إليه عظيمة، والخطر منها أفدح، ولاشك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح كما تقضى قواعد الشريعة الغراء. اهـ
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 8238, وقد سبق أن ذكرنا للسائل في جواب سؤال له سابق: شروط جواز التمثيل، وذلك في الفتوى رقم: 184491, وللفائدة راجع الفتوى رقم: 3127.
وأما ما ذكره السائل من منع الممثل الذي يقوم بمثل هذه الأدوار من القيام بتمثيل أدوار ساقطة, فلا يخفى أن الواقع الذي نعيشه بعيدٌ كل البعد عن مثل هذا الضابط.
وفي النهاية نذكر بأن هذا الباب حين فتح دون مراعاة للمفاسد المترتبة عليه، قد وصل بالبعض لما هو أشد من تمثيل الصحابة، وهو إباحة تمثيل الأنبياء جميعًا, عليهم صلوات الله وسلامه.
والله أعلم.