الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز هجر المسلم لأخيه أكثر من ثلاث ليال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه, وعده بعض العلماء من كبائر الذنوب، قال الحجاوي في نظم الكبائر: قيادة ديوث نكاح محلل وهجرة عدل مسلم وموحد
لكن يجوز الهجر إن حصل ضرر، قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصًا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. أهـ.
والهجر يزول بالسلام، فمن تأذيت منه فلا يلزمك أن تمد جسور العلاقة معه، بل لك أن تكتفي بالسلام عند لقائه، وبهذا تخرج عن الهجر المحرم.
والكبر مذموم، لكن من الحكمة عدم التواضع للمتكبر وعدم خفض الجناح له؛ لأن ذلك يزيده عتوًا وعلوًا، وهذا ما يعنيه العلماء بوصيتهم بالتكبر على المتكبر، وراجع للاستزادة الفتويين: 73436 156305.
ونوصيك بالاستعاذة بالله من شر من تخشى ضررهم، وادفع شرهم بالإحسان ما استطعت، فالإحسان يصير العدو وليًا، كما قال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}، والتغافل عن بعض الأمور وعدم التدقيق فيها من أسباب راحة البال، روى البيهقي في مناقب الإمام أحمد عن عثمان بن زائدة قال: العافية عشرة أجزاء: تسعة منها في التغافل, فحدثت به أحمد بن حنبل فقال: العافية عشرة أجزاء: كلها في التغافل. أهـ.
والله أعلم.