الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فيستحب لمن حضره الطعام وتاقت إليه نفسه أن يأكل قبل الصلاة؛ حتى يقبل على الصلاة وقلبه خال من الشواغل؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ, وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ. رواه مسلم وأحمد وأبو داود, ولا يشترط لتخلفه أن يكون شديد الجوع, أو مشرفًا على الهلاك, بل ما دامت نفسه تتوق إلى الطعام كثيرًا بحيث لو ذهب للصلاة لشُغل قلبه وذهب خشوعه, فإنه يجوز له التخلف, قال ابن قدامة في المغني: وَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَالْعَشَاءُ بَدَأَ بِالْعَشَاءِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْعَشَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِيَكُونَ أَفْرَغَ لِقَلْبِهِ، وَأَحْضَرَ لِبَالِهِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْجَلَ عَنْ عَشَائِهِ أَوْ غَدَائِهِ.... قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّمَا يُقَدِّمُ الْعَشَاءَ عَلَى الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَتْ نَفْسُهُ تَتُوقُ إلَى الطَّعَامِ كَثِيرًا, وَنَحْوَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ, وَقَالَ مَالِكٌ: يَبْدَؤونَ بِالصَّلَاةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ طَعَامًا خَفِيفًا ... اهــ .
وجاء في كشاف القناع عن كراهة ابتداء الصلاة على تلك الحال: أَوْ تَائِقًا أَيْ: مُشْتَاقًا لِطَعَامٍ وَنَحْوِهِ كَجِمَاعٍ وَشَرَابٍ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: {لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ؛ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ:" كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوضَعُ لَهُ الطَّعَامُ، وَتُقَامُ الصَّلَاةُ، فَلَا يَأْتِيهَا حَتَّى يَفْرُغَ، وَإِنَّهُ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ" (مَا لَمْ يَضِقْ وَقْتٌ) عَنْ فِعْلِ جَمِيعِ الْمَكْتُوبَةِ فِيهِ، فَتَجِبُ الْمَكْتُوبَةُ. اهــ. وانظر الفتوى رقم: 125836.
والله تعالى أعلم.