الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك قد أتيت من قبل التساهل في تعاملك مع هذه الفتاة الأجنبية عنك، واستغل الشيطان ذلك فأوقعكما فيما لا يحل لكما شرعا، وبهذا يعرف حكمة الإسلام في تحذيره من فتنة النساء، ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء. فالواجب عليكما المبادرة إلى التوبة فورا ومن تاب تاب الله عليه. واعلم أن الخطيبة تبقى أجنبية عن خاطبها حتى يعقد لهما، ثم إنه لا يلزم أن تعاقب بمثل ذلك مستقبلا بأن يحصل مثله مع زوجتك أو بناتك ونحو ذلك، وقد أوضحنا هذا المعنى بالفتوى رقم: 164967. فلا تشغل نفسك بالتفكير في مثل هذا. والذنوب من شأنها أن تطفيء نور الإيمان في القلب، فليس غريبا إذن شعورك وشعورها بالبعد عن الدين، فهذا من شؤم المعاصي، ولكن من تاب إلى الله وأناب عاد قلبه كما كان بإذن الله، ثبت في مسند أحمد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكته سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه ذاك الرين الذي ذكر الله عز و جل في القرآن: { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون }".
وإذا تابت هذه الفتاة فننصحك بالزواج منها وعدم فسخ الخطوبة، فقد ثبت في سنن ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح. فما دمت قد تعلق بها قلبك كان من المناسب خطبتك لها وزواجك منها، فلا تعتبر مخطئا بخطبتك لها، وما وقع منك معها من لمم ليس بمانع شرعا من الزواج منها إن تبتما كما تقدم.
وفي نهاية المطاف إذا لم ترغب في الزواج منها وأردت فسخ الخطوبة فلا حرج في ذلك، فالخطوبة مجرد مواعدة بين الطرفين لأي منهما فسخها، والأولى عدم فسخها لغير سبب، وراجع الفتوى رقم: 18857.
والله أعلم.