الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعوة إلى الله تعالى مقصد نبيل, وغاية شريفة, ولا تقوم إلا بالوسائل والطرق المشروعة والحسنة, والكذب من أبشع الصفات وأفظعها, وهو ليس من شيمة المؤمن، فقد أخرج مالك والبيهقي عن صفوان بن سليم أنه قال: قيل: يا رسول الله, أيكون المؤمن جبانًا؟ قال: نعم, قيل: أيكون المؤمن بخيلًا؟ قال: نعم, قيل: أيكون المؤمن كذابًا؟ قال: لا.
وتزداد بشاعة الكذب إذا جعل وسيلة لمقصد شريف - كالدعوة إلى الله -؛ لأنه يكون عندئذ مما يشوهها ويضعفها؛ وعليه: فلا يجوز كتابة مثل العبارة الأولى: "شاهد أقوى فيلم جنسي" لأنه كذب صراح, بل ربما أدى إلى الاستهزاء بالدين وقضاياه وحملته, وهذا محذور آخر للمنع من هذه العبارة وأمثالها.
وأما أن يكتب عبارة: "من يشاهد هذا الفيديو سيعلم أن القيامة قد اقتربت" أو نحوها من العبارات فليس هذا من الكذب ولا من الممنوع, ما دام أنه ليس فيه محذور شرعي؛ لأن من يقرأ الأخبار التي تتكلم عن علامات الساعة يوقن بأنها قد اقتربت جدًّا, بل الأصل فيها أنها قد اقتربت من بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته, قال تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ {القمر:1} عن عوف بن مالك قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من آدم فقال: اعدد ستًا بين يدي الساعة: موتي, ثم فتح بيت المقدس, ثم موتان يأخذ فيكم كقُعاص الغنم, ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا, ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته, ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر, فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية, تحت كل غاية اثنا عشر ألفا. وعن أبي موسى قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن بين يدي الساعة لأيامًا: يرفع فيها العلم, وينزل فيها الجهل, ويكثر الهرج, والهرج: القتل. رواهما البخاري, إلى غير ذلك من العلامات الدالة على قرب وقوع الساعة.
وعليه: فلا بأس بكتابة تلك العبارة لأنها صحيحة في الجملة, وانظر فتاوينا التالية: 40354. 43399. 14389. 127800. 151325.
والله أعلم.