الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فان كلام شيخ الاسلام -رحمه الله- ليس واردا في الجهر بالنية؛ بل إنما ورد في عبارة خطيرة، أصر قائلها عليها بعد أن قامت عليه الحجة.
فقد قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: من أصر على فعل شيء من البدع وتحسينها، فإنه ينبغي أن يعزر تعزيرا يردعه وأمثاله عن مثل ذلك. ومن نسب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الباطل خطأ فإنه يعرف، فإن لم ينته عوقب. ولا يحل لأحد أن يتكلم في الدين بلا علم، ولا يعين من تكلم في الدين بلا علم، أو أدخل في الدين ما ليس منه. وأما قول القائل: كل يعمل في دينه الذي يشتهي. فهي كلمة عظيمة، يجب أن يستتاب منها، وإلا عوقب؛ بل الإصرار على مثل هذه الكلمة يوجب القتل. فليس لأحد أن يعمل في الدين إلا ما شرعه الله ورسوله دون ما يشتهيه ويهواه. قال الله تعالى: { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله }. وقال تعالى: { وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم }. { ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله }. وقال: { ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل }. وقال تعالى: { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا * أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا }. وقال تعالى: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } ) .
وقال في الفتاوى الكبرى: من أصر على مشاقة الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين؛ فإنه يستتاب، فإن تاب، وإلا قتل. اهـ.
والله أعلم.