الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم, وكذلك غيره من المعظمات الشرعية كالكعبة من جملة الحلف بغير الله, فلا يحل على الراجح، بل قد قيل هو شرك، وليس الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم يمينًا منعقدة أصلًا, فلا تلزم في مخالفتها الكفارة، وقد خالف بعض أهل العلم أيضًا في ذلك فرأى وجوب الكفارة عند الحنث فيها.
وبكل حال: فلا صلة لهذا الحلف من حيث المدلول باليمين الغموس, ولا بيمين اللغو، وكثرة جريانها على ألسنة العوام لا يبيحها, ولا يرفع عنها الحرج، بل يجب على من ابتلي بها أن يبتعد عنها ويصون لسانه، ويجاهد نفسه في ذلك، ثم ما فاته من غير قصد فلا تكليف إلا بوسع.
ولنسق هنا بعضًا من نصوص المذاهب، قال في البناية: ومن حلف بغير الله لم يكن حالفًا كالنبي والكعبة.
وجاء في التاج والإكليل: وقال اللخمي: الأيمان ثلاثة: ممنوعة وهي: الأيمان بالمخلوقات, كقوله: والنبي والكعبة والآباء، فمن حلف بهذه بعد علمه بالنهي استغفر الله, ولا كفارة عليه.
وقال في المجموع: وتكره اليمين بغير الله عز وجل، فإن حلف بغيره كالنبي والكعبة والآباء والأجداد لم تنعقد يمينه.
وقال في المقنع: ويكره الحلف بغير الله تعالى، ويحتمل أن يكون محرمًا، ولا تجب الكفارة باليمين .... وقال أصحابنا: تجب الكفارة.
وراجعي لهذه المعاني الفتوى رقم: 93416.
ويجدر التنبيه إلى أن محل الخلاف في كراهة اليمين وحرمتها إنما هو فيما إذا حلف صادقًا, أما في الكذب فلا خلاف في منعه صونًا للمعظمات الشرعية عن الامتهان، قال الدردير: وفي حرمة الحلف بذلك، وكراهته وهو صادق قولان, قال الدسوقي: وإلا يكن صادقًا كان حرامًا قطعا.
وقال الخرشي: ومحل الخلاف إذا كان الحلف صادقًا؛ وإلا فيحرم قطعًا.
وراجعي لمعرفة حقيقة يمين اللغو الفتويين التالتين: 130449 - 11070.
والله أعلم.