الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى الإمام أحمد وغيره، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّ شَارِبَهُ، وَكَانَ أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ مِنْ قَبْلِهِ يَقُصُّ شَارِبَهُ. وتكلم بعض أهل العلم في سنده.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُصُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى. رواه أحمد وغيره، وصححه الأرناؤوط. ومثله في الصحيحين عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى. وفسر كثير من أهل العلم أحفوا الشوارب بأخذ ما طال على الشفة.
وروى أبو داود وغيره عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا طَوِيلَ الشَّارِبِ قَالَ: فَدَعَا بِسِوَاكٍ وَشَفْرَةٍ، وَوَضَعَ السِّوَاكَ تَحْتَ شَارِبِ الرَّجُلِ فَقَطَعَهُ. وَفِي لفظ: فدعا بسواك وشفرة، فوضع السواك تحت الشارب، فقص عليه. صححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال الحافظ في الفتح: وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ خَمْسَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّونَ شَوَارِبَهُمْ.
ولذلك فالأقرب - والله أعلم- وهو الظاهر من هذه الأحاديث أن يكون النبي –صلى الله عليه وسلم- يقص شاربه حتى يبدو طرف الشفة، كما فعل بالمغيرة، وكما كان كثير من الصحابة يفعل.
وقد بينا مذاهب أهل العلم وأقوالهم في قص الشارب وحلقه. في الفتوى رقم: 46032.
والله أعلم.