الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهدايا: منها: ما هو مباح ـ بل مرغب فيه شرعًا ـ لما تورثه من المحبة والألفة بين المسلمين, وذلك مقصد شرعي معتبر, وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه الإمام مالك في الموطأ, وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: لو أهدى إلي ذراع أو كراع لقبلت. فأفاد ذلك استحباب تهادي الإخوان بعضهم لبعض، وأنه يجلب المحبة بينهم، ويزيل الحقد والحسد من قلوبهم, فما كان القصد منه ذلك فلا حرج فيه.
ومن الهدايا: ما هو رشوة محرمة, لا يجوز إعطاؤها, ولا قبولها ـ وهو ما كان لإحقاق باطل, أو إبطال حق, أو للتأثير على مسؤولي العمل والقائمين به لمحاباة الموظف والتغاضي عنه فيما يجب عليه, ونحو ذلك ـ فهذا النوع محرم؛ للعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش - الذي يمشي بينهما - رواه الإمام أحمد.
والأظهر أن الهدايا المسؤول عنها هي من النوع الأول المشروع, ما لم يكن قصد والدك منها قصدًا غير مشروع, والأولى اجتناب الهدية لرؤساء العمل ومدرائه مطلقًا, سواء في مكان العمل أو خارجه, كما بينا في الفتوى رقم: 49247.
وأما الهدية لزملاء العمل ممن ليست لهم ولاية على العامل: فلا حرج في الهدية إليهم؛ تأليفًا للقلوب, وبعثًا للمحبة في النفوس.
ولا فرق بين كون الوالد هو الذي يشتري تلك الهدايا, أو يتولى شراؤها غيره؛ إذ العبرة بالمقصد منها, ومن عُلم أن هديته من الرشوة حرم إعانته عليها؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}، وللمزيد انظر الفتويين:8044/5794.
والله أعلم.