الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعفة شرط أساسي لإباحة نكاح الكتابية يهودية كانت، أم نصرانية؛ لأن الله تعالى قال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة:5}.
قال القرطبي: وروي عن ابن عباس أنه قال: {الْمُحْصَنَاتُ} العفيفات، العاقلات. وقال الشعبي: هو أن تحصن فرجها فلا تزني .اهـ. وما ذكر من كونها لن تزني بعد النكاح لا يبيح نكاحها حتى تتوب، إذ العبرة بحالها قبل العقد.
فلا بد إذن من إقلاعها عن الزنا تماما، ولكن التحقق من مثل هذا من امرأة كتابية قد يكون صعب المنال، ومن هنا فالأفضل والأسلم للمسلم أن يعرض تماما عن نكاح الكتابية، لأنه لا يخلو من مخاطر، ولذلك كره من كره من أهل العلم نكاحهن مع علمه بإباحته في الأصل.
جاء في الموسوعة الفقهية: ومع الحكم بجواز نكاح الكتابية فإنه يكره الزواج منها عند جماعة من أهل العلم، لأنه لا يؤمن أن يميل إليها فتفتنه عن الدين، أو يتولى أهل دينها. وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب: طلقوهن. وممن كره الزواج بها أيضا مالك؛ لأنها تتغذى بالخمر والخنزير، وتغذي ولده بهما في فترة إرضاعها له، وهو يقبلها ويضاجعها وليس له منعها من ذلك التغذي، ولو تضرر برائحته، ولا من الذهاب للكنيسة، وقد تموت وهي حامل فتدفن في مقبرة الكفار وهي حفرة من حفر النار وفي بطنها ولده وهو بضعة منه. اهـ.
هذا بالإضافة إلى أنها قد تربي ولده على عقيدتها الباطلة. ومن هنا فالأولى بالمسلم نكاح مسلمة صالحة تعينه على أمر دينه، وتنشئ أبناءه نشأة سوية على عقيدة وقيم الإسلام.
والله أعلم.