الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يبين لنا السائل نوع التأويل الحامل على القتل، وصنوف التأويل كثيرة, وله شروط وضوابط ذكرها الفقهاء, ولا يسع المجال لسردها, ومن أمثلة التأويل تأويل أهل البغي.
يقول شيخ الإسلام: وكذلك لم يوجب على أسامة بن زيد قودًا, ولا دية, ولا كفارة, لما قتل الذي قال: لا إله إلا الله في غزوة الحرقات, فإنه كان معتقدًا جواز قتله, بناء على أن هذا الإسلام ليس بصحيح, مع أن قتله حرام, وعمل بذلك السلف وجمهور الفقهاء في أن ما استباحه أهل البغي من دماء أهل العدل بتأويل سائغ لم يضمن بقود, ولا دية, ولا كفارة؛ وإن كان قتلهم وقتالهم محرمًا.
وجاء في الفقه الإسلامي: وفي الجملة: لا تقام الحدود على البغاة عند الحنفية، لعدم ولاية الإمام على دار البغي, ويوافقهم المالكية والحنابلة في عدم ضمان ما أتلفوه حال الحرب من نفس أو مال، ولا تقام عليهم الحدود..... وفي الجملة: حكم البغاة عند الشافعية في ضمان النفس والمال والحد في غير حال الحرب حكم أهل العدل, وإن ارتكب الباغي جريمة القتل: الصحيح عندهم أنه لا يتحتم قتله.
وقال الخرشي: الباغي إذا كان متأولًا في قتاله, وأتلف في حال قتاله نفسًا، أو مالًا ثم تاب، ورجع فإنه لا يضمن شيئًا من ذلك ولو كان مليئًا؛ لأنه متأول.
والله أعلم.