الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة كافرة غير كتابية، فلا يجوز الزواج منها مطلقا، قال تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ...الآية {البقرة:221}.
وأما إن كانت كتابية وتركت الزنا، فيجوز الزواج منها، فقد شرط الإسلام للزواج منها كونها عفيفة كما في قول الله سبحانه في معرض ما أحل للمؤمنين: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة:5}، ولكن بما أن التأكد من عفتها عزيز، ينبغي على المسلم على كل حال أن يتزوج من امرأة صالحة تتوافق معه في دينه، وتعينه على طاعة ربه، وتربي له أبناءه على عقيدة وأخلاق الإسلام، وهو مما قد يجد نقيضه إن تزوج من كتابية، فليوضع هذا في الاعتبار ولا ينجر المسلم خلف العواطف فيحصل له ما يوجب الندم.
ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتويين: 5315 -124180.
وننبه إلى أن مجرد كون الزوجة لها أولاد لا يمنع شرعا من الزواج منها، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من أم سلمة -رضي الله عنها- وكان لها أولاد من زوجها السابق أبي سلمة رضي الله عنه، ففي صحيح مسلم عن أم سلمة- رضي الله عنها- أنها قالت : سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله عز وجل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أْجُرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها، إلا أخلف الله عز وجل له خيرا منها . قالت : فلما مات أبو سلمة قلت: أى المسلمين خير من أبي سلمة، أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها، فأخلف الله عز وجل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فأرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه يخطبني له، فقلت: إن لي بنتا، وأنا غيور فقال : أما ابنتها فندعو الله عز وجل أن يغنيها، وأدعو الله أن يذهب الغيرة .
والله أعلم.