الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبيني لنا الطرق المحرمة التي اكتسب بها هذا المال، فلذلك نجيب على فرض الاحتمال، فنقول لهذا المال حالتان:
1 - أن يكون مكتسبًا عن طريق الغصب أو السرقة أو نحو ذلك من وجوه كسب المال دون رضا المأخوذ منه: وما كان من هذا القبيل لا بد من رده إلى من أخذ منه، ولا تبرأ الذمة منه بالصدقة, ولا بإنشاء المشاريع الخيرية طالما أن رده لأصحابه ممكن، لكن تكفي في رده الحيلة، كأن يقول الغاصب عند رد المال: هذا من شخص اعتدى عليكم سابقًا دون تعيين, أو نحو ذلك.
2 - أن يكون هذا المال مكتسبًا برضا صاحبه, كالربا ونحوه: فمثل هذا لا يرد إلى صاحبه، ولا يحل لحائزه, بل يتخلص منه في وجوه البر, ورأى شيخ الإسلام أن الآخذ إن كان يجهل الحرمة حين تعاطيه للحرام فليس عليه إذا تاب أن يتخلص من هذا الحرام, بل له التمسك به, أما من كان عالمًا بالحرمة فلا بد في توبته من أن يتخلص من هذا الحرام بدفعه للفقراء, أو صرفه في مصالح المسلمين العامة. وانظري الفتوى رقم: 3519 .
وفي هذه الحالة الأخيرة الذي يتعين فيها إخراج المال نقول: قد كان الواجب بحائز هذا المال أن يبادر بصرفه في وجهه المطلوب ويتخلص منه، قال في الفروع: والواجب في المال الحرام التوبة, وإخراجه على الفور بدفعه إلى صاحبه, أو وارثه، فإن لم يعرفه أو عجز دفعه إلى الحاكم .. ومتى تمادى ببقائه بيده تصرف فيه أو لا عظم إثمه.
أما الآن وقد كان ما كان: فبحسب التفصيل السابق إن كان اكتسابه بعد علمه بالتحريم فيخرج قدر ما اكتسبه فورًا بقدر استطاعته, وأحرى المبلغ المتبقي بيده من هذا المال الحرام يبادر فيتصدق به, أو يصرفه في مصالح المسلمين العامة، ولا يصرفه في الأثاث الجديد.
أما المسكن والأثاث السابق وغير ذلك مما اشتراه بالمال الحرام فلا بأس أن ينتفع بها؛ لأن الحرام تعلق بذمته, لا بعين هذه الأشياء.
والله أعلم.