حكم الطلاق تحت تأثير الوسوسة

24-2-2013 | إسلام ويب

السؤال:
أنا شخص يعاني من الوسوسة في ‏الوضوء والصلاة، كما أعاني من ‏تكرار حديث النفس بصوت مرتفع، ‏وبصفة خاصة عندما أتعرض ‏لضغوط بسبب مشاكل الحياة المختلفة، ‏فما إن أخلو بنفسي حتى أبدأ في ‏التحدث لنفسي بصوت مرتفع، ‏وأتخيل أحيانا أنني أجلس مع أستاذي ‏بالجامعة أو مع صديق لي، أو مع ‏زوجتي، وأسترجع مواقف معينة ‏دارت بيني وبينهم، ثم أتحدث معهم ‏كأنهم موجودين حولي (وأنا في كامل ‏وعيي، وأعي تماما أنها تخيلات، فإذا ‏ما دخل شخص بحجرتي ولتكن ‏زوجتي مثلا أتوقف فورا عن الحديث ‏بصوت مرتفع كي لا تلحظ ذلك، ‏ولدي قدرة كاملة على التحكم في أن ‏أنقطع فورا حال دخول أي شخص، ‏ثم تستأنف نفسي العيش في الخيال ‏مرة أخرى رغما عني عندما يغادر ‏الآخرون، فمرة أغلب الخيال ومرة ‏يغلبني. وعندما أكون في هذه الحالة ‏التخيلية أعي تماما ما أتخيله، وأتذكر ‏كل شيء فيه وكأنه تفكير بصوت ‏مرتفع في حضور الآخرين، وللعلم ‏فأنا حاصل على الماجستير وباحث ‏دكتوراه في الوقت الحالي كي أنفي ‏ما قد يتردد في ذهن القارئ من أنني ‏مجنون حتما.‏
كانت والدة زوجتي قد سافرت لأداء ‏العمرة وتركت بعض المال لزوجتي ‏كي تنفق على أخ أصغر لها، كما ‏تركت لها بعض الأطعمة بالثلاجة ‏‏(أقصد ثلاجة حماتي) وكنت قد ‏تحدثت مع زوجتي عدة مرات ‏بخصوص هذا الأمر، وقلت لها إنه ‏من العيب إنفاق أي من المال أو ‏استهلاك الأطعمة التي تركتها الوالدة ‏وأننا علينا أن نتولى نحن الإنفاق ‏على أخيها الأصغر حتى إذا عادت ‏الوالدة رددنا إليها المال الذي تركته ‏غير منقوص، فوافقت زوجتي ‏ووعدتني ألا تنفق منه شيئا طالما ‏سأتكفل أنا بأخيها الأصغر في هذا ‏الأسبوع وانتهى الأمر.‏
ذات مرة تخيلت أنني أجلس مع ‏زوجتي وأتحدث معها في الوقت ‏الذي لم تكن موجودة فيه بالمنزل، ‏فتخيلت أننا نتحدث عن سفر والدتها ‏لأداء العمرة، وقد كانت والدتها ‏بالفعل سافرت، فقلت لها في تخيلي: ‏‏"أنتى عارفه لو أخذتى حاجه من ‏فلوس والدتك شوفى هتبقى طالق ‏بالثلاثة" وأنا أتحدث لنفسي انتبهت ‏فجأة لما أورط نفسي فيه، لكن ‏الكلمات جرت بصوت مرتفع على ‏لساني، وبينما ينتبه عقلي خفضت ‏صوتي قليلا عندما وصلت إلى ‏‏"بالثلاثة" ثم فجأة اكتشفت أن صيغة ‏الطلاق قد جرت كاملة على لساني، ‏وأنني في أمر جلل، ثم بدأت أقرأ ‏بعض الفتاوى التي تفيد بوقوع ‏الطلاق، وبدأ الشيطان يلبس علي ‏الأمر "هل كان القسم فقط على المال ‏السائل أم كان أيضا على الأطعمة ‏‏(لحوم وخضار) الموجودة بالثلاجة ‏لا أعرف.‏
زوجتي إنسانة محترمة جدا، وأحبها ‏ولا أريد ولم أشأ تطليقها أبدا، وهي ‏متفهمة لحد كبير، وتبادلني الاحترام ‏والطاعة، فتوجهت لزوجتي في ذلك ‏اليوم وقصصت لها ما حدث لي من ‏تخيل، وأمرتها أن تبر القسم حتى لا ‏نسقط في أحكام متشابكة، فقالت أمرا ‏وطاعة وهي تحتضنني وتحتويني، قالت: أنا لم أصرف شيئا كما اتفقنا، ‏ولن أصرف شيئا، واحترمتني كثيرا ‏خاصة أنها تعلم أنني أمر بضغوط ‏نفسية شديدة في الوقت الحالي، أو ‏على الأقل أشعر أنا بتلك الضغوط، لكن الشيطان يتلاعب بعقلي، فظننت ‏أنني لم أقسم فقط على المال السائل ‏لكن أيضا على الأطعمة الموجودة ‏بثلاجة الوالدة، فصرحت بذلك ‏لزوجتي. وللمرة الثانية احتوتني بأنها ‏لم تأخذ شيئا من الثلاجة إلا وجبة لحم ‏كانت الوالدة قد أعدتها لنا قبل ‏سفرها؛ لأنها كانت ستفسد. فأمرتها ‏أن تشتري عوضا عنها، ففعلت ذلك ‏واشترت عوضا عنها مخافة أن يقع ‏الطلاق.‏
هنا تأتي المشكلة فأنا أقيم في شقة ‏أعلى شقة حماتي، وبالتالي فمن ‏المعتاد أن يختلط الطعام والشراب ‏بيننا كعادة البيوت المصرية الكريمة ‏فالتمويل مشترك والطعام واحد ‏إضافة إلى أن حماتي كبيرة السن ولا ‏تملك إلا ابنتها التي تزوجتها أنا، ‏وبالتالي فزوجتي تتولى تجهيز ‏الطعام لي ولوالدتها في نفس الوقت، ‏وبالتالي أيضا فالطعام واحد وإن ‏ازدوج التمويل، وبالتالي فقد أخبرتني ‏زوجتي أنها أخذت بعض الخضار ‏من شقة والدتها كالمعتاد لكون الطعام ‏مشترك كما تعودنا، فلما وجدت الشك ‏في صدري اشترت الزوجة خضارا ‏بديلا على قدر ما تذكرت ووضعته ‏في الثلاجة مرة أخرى، لكن يبقى ‏الشك بداخلي لربما أخذت شيئا ‏ونسيته، أو لم تخبرني به، أو ربما ‏اختلف الطعام الذي اشترته كتعويص ‏عن الطعام الأصلي الذي كان ‏بالثلاجة، فقلت لنفسي ضع الاختلاط ‏في الطعام المعتاد جانبا؛ لأنه معتاد ‏وأغلب الظن أنني لست بهذا العنت ‏الذى يجعلني أقسم على كل حبة ‏طماطم خاصة أنه معتاد.‏
هنا يظهر شك جديد بنفسي. فهل ‏يجوز تبديل الطعام من الأساس وهل ‏أنا متأكد من أنني لم أقسم على ما ‏فات بمعنى أن القسم يقع بمجرد أن ‏تأخذ زوجتي بعض الخضار، وقد ‏أخذت بغض النظر عن تعويضه من ‏عدمه. فأفتوني بالله عليكم في أمر ‏الطلاق، علما أنني متزوج منذ عامين ‏ولم يسبق أن جاءني شك في الطلاق ‏ولم يسبق أساسا أن لفظت قول ‏الطلاق أبدا وهو غير وارد على ‏أجندتي.‏

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالظاهر من سؤالك أن ما تلفظت به من تعليق طلاق زوجتك كان تحت تأثير الوساوس لا اختيارا، ومثل هذا الطلاق لا اعتبار له كما بيناه في الفتوى رقم : 56096

وعليه فما دمت لم تتلفظ بالطلاق مدركا مختارا غير مغلوب على عقلك، فزوجتك لم تطلق ولو كانت أنفقت شيئا من أموال أمها أو من طعامها ولم تعوض بدله. فأعرض عن هذه الوساوس جملة وتفصيلا ولا تلتفت إليها، فإن التمادي معها عواقبه وخيمة، ومما يعينك على التخلص من هذه الوساوس: الاستعانة بالله، وصدق اللجوء إليه، وكثرة الدعاء.

و راجع الفتاوى أرقام : 39653، 103404، 97944، 3086، 51601
و للفائدة يمكنك مراجعة قسم الاستشارات النفسية بموقعنا.

 

والله أعلم.

www.islamweb.net