الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد تضمن عدة أمور وسنجيب ـ إن شاء الله تعالى ـ عنها على النحو التالي:
1ـ العمرة الأولى قد ذكرت أنك قد أديتها قبل البلوغ, وهي صحيحة ـ فيما يبدوـ فالغسل لم يلزمك بسبب العادة السرية ما دام المني لم يخرج - كما ذكرت - كما أن ترك الاستنشاق في وضوء الطواف لا يبطله؛ لأن الاستنشاق من سنن الوضوء عند أكثر أهل العلم, وهذا هو الراجح عندنا, كما سبق في الفتوى رقم: 17079.
كما أن عدم الترتيب في غسل أعضاء الوضوء لا يبطله عند بعض أهل العلم القائلين بكونه سنة لا فرضًا, وراجعي الفتوى رقم: 159693
2ـ العمرة الثانية وقد كانت بعد البلوغ ـ كما ذكرت ـ وقد حصل الطواف وأنت حائض, وفي هذه الحالة تكونين باقية على إحرامك حتى ترجعي لمكة للإتيان بالطواف وأنت على طهارة, وإحرامك بالعمرة الثالثة لا ينعقد؛ لأنك ما زلت ملتبسة بالعمرة الناقصة، وطوافك في العمرة الثالثة قائم مقام الطواف من الثانية.
قال ابن قدامة في المغني: وإن أحرم بحجتين أو عمرتين انعقد بإحداهما ولغت الأخرى، وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: ينعقد بهما, وعليه قضاء إحداهما؛ لأنه أحرم بها ولم يتمها. انتهى.
وعلى هذا؛ فالعمرة الثالثة مكملة لما نقص من العمرة الثانية وهو الطواف, ونيةُ كون العمرة الثالثة قضاء عن الثانية لا يضرك؛ لأن العمرة الثالثة لم تنعقد أصلًا؛ لأنك ما زلت متلبسة بإحرام العمرة الثانية.
أما العمرة الأولى الحاصلة قبل البلوغ فهي صحيحة - كما ذكرنا - ولا تحتاج لقضاء.
وما حصل من محظورات الإحرام قبل التحلل من العمرة الثانية جهلًا منك: إن كان من قبيل الترفه - كلبس المخيط, واستعمال الطيب - فلا شيء فيه، وما كان منها من قبيل الإتلاف - كالحلق, وقص الأظافر - ففي كل جنس منه فدية، وراجعي الفتوى رقم: 14023
3ـ المرأة لا تتحلل من عمرتها إلا بقص بعض الشعر, ويكون ذلك بقدر الأنملة, كما ذكرنا في الفتوى رقم: 187405.
وإذا أردت صيام ثلاثة أيام عن الفدية فيجوز ذلك قبل تقصير الشعر وبعده؛ لأن صيام الفدية يجوز في كل زمان ومكان, جاء في حاشية الدسوقي المالكي متحدثًا عن أنواع الفدية: (قوله: ولم يختص بزمان، أو مكان) أي فيجوز الصوم في أي زمان يصح صومه، وفي أي مكان . انتهى
وفي حال حصول الطيب أو تقليم الأظافر أثناء صيام الفدية فإن كان ذلك بعد تقصير الشعر فلا شيء عليك؛ لأنك قد تحللت من العمرة, وإن كان ما ذُكر من الطيب وما بعده قبل تقصير الشعر ففيه الفدية.
أما الصيام فهو صحيح على كل حال, ولا يبطل باستعمال الطيب, ولا تقليم الأظافر أو نحوهما.
والله أعلم.