الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكما أن النساء فتنة للرجال, فكذلك الرجال فتنة للنساء، وقد افتتنت زوجة العزيز بجمال يوسف - نبي الله عليه السلام -.
ولذلك أمر الله الرجال والنساء بغض الأبصار، قال القرطبي - رحمه الله - في تفسيره: فَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْمَرْأَةِ, وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى الرَّجُلِ، فَإِنَّ عَلَاقَتَهَا بِهِ كَعَلَاقَتِهِ بِهَا، وَقَصْدَهَا مِنْهُ كَقَصْدِهِ مِنْهَا.
لكن الظاهر - والله أعلم - أن افتتان الرجل بالمرأة أشد من افتتانها به، قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير في تفسير قوله تعالى: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين...." قال: وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَشَدَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ فِتْنَةِ النِّسَاءِ» وَلَمْ يَذْكُرِ الرِّجَالَ لِأَنَّ مَيْلَ النِّسَاءِ إِلَى الرِّجَالِ أَضْعَفُ فِي الطَّبْعِ.
وإذا كان الرجل شديد الجمال فعليه أن يتقي الله, ويحافظ على حدود الشرع وضوابطه في التعامل مع النساء, وليس عليه أن يحتجب كالمرأة، قال ابن حجر - رحمه الله - في فتح الباري: ويقوي الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد, والأسواق, والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهن الرجال, ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب؛ لئلا يراهم النساء, فدل على تغاير الحكم بين الطائفتين.
والله أعلم.