الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وتعاليمه، قد انتشرت ووصلت إلى الناس بواسطة الصحابة رضوان الله عليهم، فقد كانوا يحضرون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسألونه، ويرافقونه سفرا وحضرا، فحملوا علمه وهديه، وفازوا بصحبته وقربه، ثم بعد ذلك تفرقوا في الأمصار ونشروا الحديث في مختلف الأقطار والأمصار، وحرصوا على تعليم الناس وتفقيههم في أمور دينهم، ويشهد لهذا ما قاله ابن عبد البر: ولهذا لما ألف الإمام مالك -رحمه الله- كتاب الموطأ، أعجب به الخليفة العباسي واستأذنه أن يفرقه على الأمصار، ويحمل الناس على العمل به وترك ما خالفه من الفتاوى ولو بالسيف، رفض الإمام مالك رحمه الله وقال: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإن الصحابة تفرقوا في الآفاق، ورووا أحاديث غير أحاديث أهل الحجاز التي اعتمدتها، وأخذ الناس بذلك، فدعهم وما هم عليه من الأخذ بما وصل إليهم من علمائهم. انتهى.
والله أعلم.