الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بعدم اليأس من استجابة الدعاء، فواصل سؤال الله حاجاتك، ولا تعجل، وثق بوعد الله بالاستجابة لمن دعاه فهو القائل: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}.
وفي حديث مسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: وما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء.
واعلم أن الدعاء المشروع نافع بكل حال، وأن استجابة الدعاء لا تقتصر على نيل المراد الآن، بل قد يدخر الله لعبده في الآخرة خيراً مما أراد، وقد يدفع عنه الشر والبلاء بذلك، ففي الحديث: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وفي رواية لأحمد: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها.
فأحسن الظن بالله تعالى، ولا تيأس من إجابة دعائك مهما تأخرت الإجابة، ولا تلتفت إلى وسوسة الشيطان وتثبيطه وكيده، فإن مجرد الدعاء عبادة، وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: من لم يسأل الله يغضب عليه. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وروى الحاكم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع.
ومع الدعاء استعن بالوسائل المشروعة في تحقيق مرادك من العلاج للعجز والإعياء، وقلة النوم، ومن التكسب للمال ونحو ذلك، ولا تكن ممن قال فيهم القائل:
وعاجز الرأي مضياع لفرصته حتى إذا فاته الخير عاتب القدرا .
أما الغباء ونحوه فليس من أسباب عدم استجابة الدعاء.
والله أعلم.