الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يعد ذلك من باب مسألة ترك المصحف في القذر: فإن ونيم الذباب من النجس المعفو عنه في البدن والثوب والمكان لعسر الاحتراز، قال في الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: ويعفى عن دم البراغيث والقمل والبق وونيم الذباب.
وقد اختلف أهل العلم في جواز وضع المصحف على متنجس معفوّ عنه بين من يرى جواز ذلك، ومن يرى تحريمه, يقول ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية: وسئلت: ....... وهل يجوز وضعه على ثوب فيه كثير ونيم نحو ذباب ...... ويجوز وضعه على متنجس معفو عنه أخذًا من قول النووي في مجموعه وتبيانه يحرم كتب القرآن, أو اسم الله تعالى - أي: أو اسم رسوله صلى الله عليه وسلم أو كل اسم معظم كما هو ظاهر - بنجس أو متنجس لم يعف عنه, أو وضعه على نجس أو متنجس كذلك.
وجاء في حاشيتي قليوبي وعميرة: ويحرم كتابة القرآن بنجس ولو معفوًا عنه, كمسه به.
ولا يخفى أن من أزاح الونيم عن المصحف فقد أحسن؛ إذ لا شك أن الحيطة والاحتراس في الأخذ بقول من يرى التحريم تأثمًا وتجنبًا للشبهة، ومن ترك ذلك فلا حرج عليه؛ إذ شان كل خلاف أن في مندوحته سعة, فلا حرج على من أخذ بأي طرف منه.
أما الكتب: فهي في الأصل دون المصحف فلا تبلغ حده في الحرمة, فإلقاؤها في القذر لا يستوجب غير التأديب, فبذلك يشملها القول بالجواز في مسألتنا هذه من باب أولى, وكذا الأوراق الدينية الدعوية المعلقة على الجدران.
وراجع الفتوى رقم: 106972 وهي في حكم تعليق القرآن على الجدران.
والله أعلم.