الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كنت شاكة في إسقاط حرف من أحرف الفاتحة، أو آية منها، ولم تجزمي بذلك، فإن صلاتك صحيحة، ولا تطالبين بإعادتها.
جاء في أسنى المطالب: وَإِنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ حَرْفًا فَأَكْثَرَ مِنْ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ تَمَامِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِينَئِذٍ مُضِيُّهَا تَامَّةً.اهـ.
وأما إن تيقنت أنك أسقطت منها حرفا بسبب سرعة القراءة – وليس العجز عن القراءة الصحيحة - فإن الصلاة لا تصح مع إسقاط شيء من أحرف الفاتحة؛ لأن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، ومن ترك منها حرفا، فإنه لم يقرأها ولم يأت بهذا الركن كاملا. ولذا نص الفقهاء على أن من ترك حرفا منها لم يعتد بها، ولم تصح صلاته.
جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: أَوْ تَرَكَ حَرْفًا مِنْهَا أَيْ الْفَاتِحَةِ، لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْهَا، وَإِنَّمَا قَرَأَ بَعْضَهَا، أَوْ تَرَكَ (تَشْدِيدَةً) مِنْهَا (لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا) لِأَنَّ التَّشْدِيدَةَ بِمَنْزِلَةِ حَرْفٍ، فَإِنَّ الْحَرْفَ الْمُشَدَّدَ قَائِمٌ مَقَامَ حَرْفَيْنِ، فَإِذَا أَخَلَّ بِهَا فَقَدْ أَخَلَّ بِحَرْفٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ: وَهَذَا إذَا فَاتَ مَحَلُّهَا وَبَعُدَ عَنْهُ بِحَيْثُ يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَأَعَادَ الْكَلِمَةَ، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ ... اهــ.
وجاء في إعانة الطالبين – من كتب الشافعية – عن شروط صحة الفاتحة في الصلاة: السابع: رعاية حروفها، فلو أسقط منها حرفا ولو همزة قطع، وجبت إعادة الكلمة التي هو منها وما بعدها قبل طول الفصل وركوع، وإلا بطلت صلاته.اهــ
وجاء في مختصر المزني نقلا عن الإمام الشافعي رحمه الله: فَإِنْ تَرَكَ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ حَرْفًا وَهُوَ فِي الرَّكْعَةِ، رَجَعَ إلَيْهِ وَأَتَمَّهَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَطَاوَلَ ذَلِكَ أَعَادَ. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح الزاد: أو حرفاً» أي: تَرَكَ حرفاً مِن إحدى كلماتها، مثل: أن يترك ( أل ) في { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } وهذا يقعُ كثيراً مِن الذين يُدغمون بسبب إسراعهم في القراءة، فلا تصحُّ. اهــ.
فإذا تبين عدم صحة الصلاة بترك حرف منها، وجب عليك إعادة تلك الصلوات، وإذا كنت لا تعلمين عددها، فلا مناص من التقدير وتصلين ما يغلب على ظنك براءة ذمتك به، واحذري مستقبلا من سرعة القراءة المفرطة التي تسقط معها بعض الحروف؛ وانظري الفتوى رقم: 158285 عما يلزم من عليه فوائت في أوقات مختلفة يجهل عددها، والفتوى رقم: 93959 والفتاوى المرتبطة بها عن كيفية قضاء الفوائت الكثيرة .
والله تعالى أعلم.